الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        3045 - حدثنا فهد ، قال : ثنا محمد بن القاسم المعروف بسحيم الحراني قال : ثنا زهير بن معاوية ، قال : ثنا أبو إسحاق ، [ ص: 28 ] عن حارثة بن مضرب ، قال : حججت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، فأتاه أشراف من أشراف أهل الشام ، فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إنا قد أصبنا دواب وأموالا ، فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها ، وتكون لنا زكاة .

                                                        فقال : هذا شيء لم يفعله اللذان كانا قبلي ، ولكن انتظروا حتى أسأل المسلمين ، فسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، فقالوا : حسن ، وعلي رضي الله عنه ساكت لم يتكلم معهم .

                                                        فقال : ما لك يا أبا الحسن لا تتكلم ؟ قال : قد أشاروا عليك ، ولا بأس بما قالوا ، إن لم يكن أمرا واجبا ولا جزية راتبة يؤخذون بها .

                                                        قال : فأخذ من كل عبد عشرة ، ومن كل فرس عشرة ، ومن كل هجين ثمانية ، ومن كل برذون أو بغل ، خمسة دراهم في السنة ورزقهم كل شهر ، للفرس عشرة دراهم ، والهجين ثمانية ، والبغل خمسة خمسة ، والمملوك جريبين كل شهر .

                                                        فدل هذا الحديث على أن ما أخذ منهم عمر رضي الله عنه من أجله ، ما كان أخذ منهم في ذلك ، أنه لم يكن زكاة ولكنها صدقة غير زكاة .

                                                        وقد قال لهم عمر رضي الله عنه : إن هذا لم يفعله اللذان كانا قبلي ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه .

                                                        فدل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه لم يأخذا ، مما كان بحضرتهما ، من الخيل صدقة ، ولم ينكر على عمر ما قال من ذلك ، أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                        ودل قول علي لعمر رضي الله عنهما : ( قد أشاروا عليك ، إن لم يكن جزية راتبة ، وخراجا واجبا " ) .

                                                        وقبول عمر ذلك منه ، أن عمر إنما كان أخذ منهم بسؤالهم إياه أن يأخذ منهم ، فيصرفه في الصدقات ، وأن لهم منع ذلك منه ، متى أحبوا ، ثم سلك عمر بالعبيد أيضا في ذلك ، مسلك الخيل ، ولم يكن ذلك بدليل على أن العبيد الذين لغير التجارة ، يجب فيهم صدقة ، وإنما كان ذلك على التبرع من مواليهم بإعطاء ذلك .

                                                        وقد روي عن علي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية