الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        [ ص: 37 ] 3091 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، قال : حدثني عمرو بن الحارث أن أبا الزبير حدثه ، أنه سمع جابر بن عبد الله يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : فيما سقت الأنهار والغيم العشور ، وفيما سقي بالسانية نصف العشور .

                                                        قال أبو جعفر : ففي هذه الآثار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فيما سقت السماء ما ذكر فيها ، ولم يقدر في ذلك مقدارا .

                                                        ففي ذلك ما يدل على وجوب الزكاة في كل ما خرج من الأرض ، قل أو كثر .

                                                        فإن قال قائل ممن يذهب إلى قول أهل المدينة : إن هذه الآثار التي رويتها في هذا الفصل ، غير مضادة للآثار التي رويتها في الفصل الأول ، إلا أن الأولى مفسرة ، وهذه مجملة ، فالمفسر من ذلك أولى من المجمل .

                                                        قيل له : هذا محال ؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر في هذه الآثار ، أن ذلك الواجب من العشر ، أو نصف العشر ، فيما يسقى بالأنهار أو بالعيون أو بالرشاء أو بالدالية ، فكان وجه الكلام على كل ما خرج مما سقي بذلك .

                                                        وقد رويتم أنتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد ماعزا عندما جاء ، فأقر عنده بالزنا أربع مرات ، ثم رجمه بعد ذلك .

                                                        ورويتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأنيس : اغد على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .

                                                        فجعلتم هذا دليلا ، على أن الاعتبار بالإقرار بالزنا مرة واحدة ؛ لأن ذلك ظاهر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإن اعترفت فارجمها .

                                                        ولم تجعلوا حديث ماعز المفسر قاضيا على حديث أنيس المجمل ، فيكون الاعتراف المذكور في حديث أنيس المجمل ، هو الاعتراف المذكور في حديث ماعز المفسر .

                                                        فإذ كنتم قد فعلتم هذا فيما ذكرنا ، فما تنكرون على من فعل في أحاديث الزكوات ما وصفنا ، بل حديث أنيس أولى أن يكون معطوفا على حديث ماعز ؛ لأنه ذكر فيه الاعتراف .

                                                        وإقراره مرة واحدة ليس هو اعترافا بالزنا الذي يوجب الحد عليه في قول مخالفكم .

                                                        وحديث معاذ وابن عمر وجابر رضي الله عنهم في الزكاة ، إنما فيه ذكر إيجابها فيما سقي بكذا ، وفيما سقي بكذا .

                                                        فذلك أولى أن يكون مضادا لما فيه ذكر الأوساق ، من حديث أنيس ، لحديث ماعز .

                                                        وقد حمل حديث معاذ وجابر وابن عمر رضي الله عنهم ، على ما ذكرنا ، وذهب في معناه إلى ما وصفنا : إبراهيم النخعي ، ومجاهد .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية