الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        4155 - حدثنا يونس ، قال : ثنا ابن وهب ، أن مالكا حدثه . ( ح ) .

                                                        4156 - وحدثنا ابن مرزوق ، قال : ثنا أبو الوليد ، قال : ثنا مالك بن أنس ، عن الزهري ، عن أنس رضي الله عنه [ ص: 259 ] أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة ، وعلى رأسه مغفر ، فلما كشف المغفر عن رأسه قيل له : إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال : اقتلوه .

                                                        قال أبو جعفر : فذهب قوم إلى أنه لا بأس بدخول الحرم بغير إحرام ، واحتجوا في ذلك بهذه الآثار .

                                                        وخالفهم في ذلك آخرون ، فقالوا : لا يصلح لأحد كان منزله من وراء الميقات إلى الأمصار أن يدخل مكة إلا بإحرام .

                                                        واختلف هؤلاء ، فقال بعضهم : وكذلك الناس جميعا ، من كان بعد الميقات وقبل الميقات ، غير أهل مكة خاصة .

                                                        وقال آخرون : من كان منزله في بعض المواقيت أو فيما بعدها إلى مكة ، فله أن يدخل مكة بغير إحرام .

                                                        ومن كان منزله قبل المواقيت لم يدخل مكة إلا بإحرام ، وممن قال هذا القول : أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد رحمهم الله .

                                                        وقال آخرون : أهل المواقيت حكمهم حكم من كان قبل المواقيت ، وجعل أبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد - رحمهم الله - حكم أهل المواقيت ، كحكم من كان من ورائهم إلى مكة .

                                                        وليس النظر في هذا - عندنا - ما قالوا ، أنا رأينا من يريد الإحرام ، إذا جاوز المواقيت حلالا ، حتى فرغ من حجته ، ولم يرجع إلى المواقيت ، كان عليه دم .

                                                        ومن أحرم من المواقيت ، كان محسنا ، وكذلك من أحرم قبلها ، كان كذلك أيضا .

                                                        فلما كان الإحرام من المواقيت ، في حكم الإحرام مما قبلها ، لا في الإحرام مما بعدها ، ثبت أن حكم المواقيت كحكم ما قبلها ، لا كحكم ما بعدها .

                                                        فلا يجوز لأهلها من دخول الحرم إلا ما يجوز لأهل الأمصار التي قبل المواقيت .

                                                        فانتفى بهذا ما قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد رضي الله عنهم في حكم أهل المواقيت .

                                                        واحتجنا إلى النظر في الأخبار ، هل فيها ما يدفع دخول الحرم بغير إحرام ؟ وهل فيها ما ينبئ عن معنى في هذين الحديثين المتقدمين ، يجب بذلك المعنى أن ذلك الدخول الذي كان من النبي صلى الله عليه وسلم بغير إحرام خاص له .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية