الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        5429 - حدثنا مالك بن يحيى الهمداني ، قال : ثنا عبد الوهاب بن عطاء ، قال : أخبرنا الجريري ، عن أبي العلاء ، قال : بينما أنا مع مطرف بأعلى المربد في سوق الإبل إذ أتى علينا أعرابي معه قطعة أديم ، أو قطعة جراب ، شك الجريري .

                                                        فقال : هل فيكم من يقرأ ؟ فقلت : أنا أقرأ . قال : ها ، فاقرأه ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه لنا .

                                                        [ ص: 303 ] فإذا فيه : من محمد النبي لبني زهير بن أقيش - حي من عكل - إنهم شهدوا أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وفارقوا المشركين ، وأقروا بالخمس في غنائمهم ، وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وصفيه ، فإنهم آمنون بأمان الله .

                                                        فقال له بعضهم : هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا تحدثنا ؟ قال : نعم . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سره أن يذهب عنه وحر الصدر ، فليصم شهر الصبر ، وثلاثة أيام من كل شهر .

                                                        فقال رجل من القوم : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : ألا أراكم تروننا ، أني أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ لا حدثتكم اليوم حديثا ، فأخذها ، ثم انطلق
                                                        .

                                                        قال أبو جعفر : وأجمعوا جميعا أن هذا السهم ليس للخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه ليس فيه كالنبي صلى الله عليه وسلم .

                                                        فلما كان الخليفة لا يخلف النبي صلى الله عليه وسلم فيما كان له مما خصه الله به دون سائر المقاتلين معه ، كانت قرابته أحرى أن لا تخلف قرابة النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما كان لهم في حياته من الفيء والغنيمة .

                                                        فبطل بهذا قول من قال : إن سهم ذوي القربى بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم لقرابة الخليفة من بعده .

                                                        ثم رجعنا إلى ما قال الناس سوى هذا القول من هذه الأقوال التي ذكرناها في هذا الفصل .

                                                        فأما من خص بني هاشم وبني المطلب دون من سواهم من ذوي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجعل سهم ذوي القربى لهم خاصة ، فقد ذكرنا فساد قوله فيما تقدم ، في كتابنا هذا ، فأغنانا ذلك عن إعادته هاهنا .

                                                        وكذلك من جعله لفقراء قرابة النبي صلى الله عليه وسلم دون أغنيائهم ، وجعلهم كغيرهم من سائر فقراء المسلمين .

                                                        فقد ذكرنا أيضا فيما تقدم من هذا الكتاب فساد قوله ، فأغنانا عن إعادته هاهنا وبقي قول الذين يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان له أن يضعه فيمن رأى وضعه فيه ، من ذوي قرابته ، وأن أحدا منهم لا يستحق منه شيئا حتى يعطيه إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قد كان له أن يصطفي من المغنم لنفسه ما رأى .

                                                        فكان ذلك منقطعا بوفاته غير واجب لأحد من بعد وفاته .

                                                        فالنظر على ذلك أن يكون كذلك ، ما له أن يخص به من رأى من ذوي قرباه ، دون من سواه من ذوي قرباه في حياته ، إلا أن يكون ذلك إلى أحد من بعد وفاته .

                                                        ولما بطل أن يكون ذلك إلى أحد بعد وفاته ، بطل أن يكون ذلك السهم لأحد من ذوي قرابته بعد وفاته .

                                                        فإن قال قائل : فقد أبى ذلك عليكم عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما ، ثم ذكر .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية