الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        6975 - ما حدثنا ابن أبي داود ، قال : ثنا أحمد بن عبد الله بن يونس ، قال : ثنا إسرائيل ، عن محمد بن عبد الرحمن ، عن عطاء ، عن جابر بن عبد الله ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ، فانطلقت معه إلى ابنه إبراهيم وهو يجود بنفسه .

                                                        فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ، فوضعه في حجره ، حتى خرجت نفسه ، فوضعه ، ثم بكى .

                                                        فقلت : يا رسول الله ، أتبكي وأنت تنهى عن البكاء ؟ .

                                                        فقال : إني لم أنه عن البكاء ، ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين ، صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان ، وصوت عند مصيبة ، لطم وجوه ، وشق جيوب ، وهذا رحمة ، من لا يرحم لا يرحم ، يا إبراهيم لولا إنه وعد صادق ، وقول حق ، وإن آخرنا سيلحق أولنا ، لحزنا عليك حزنا هو أشد من هذا ، وإنا بك لمحزونون ، تبكي العين ، ويحزن القلب ، ولا نقول ما يسخط الرب " .


                                                        [ ص: 294 ]

                                                        فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بالبكاء الذي نهى عنه في الأحاديث الأول ، وأنه البكاء الذي معه الصوت الشديد ، ولطم الوجوه ، وشق الجيوب .

                                                        وبين أن ما سوى ذلك من البكاء ، فما فعل من جهة الرحمة ، أنه بخلاف ذلك البكاء الذي نهي عنه .

                                                        وأما ما ذكرناه عن عمرو ، ابن عمر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فقد ذكرنا عن عائشة رضي الله عنها إنكار ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله عز وجل ليزيد الكافر عذابا في قبره ، ببعض بكاء أهله عليه " .

                                                        وقد يجوز أن يكون ذلك البكاء الذي يعذب به الكافر في قبره ، يزداد به عذابا على عذابه ، بكاء قد كان أوصى به في حياته .

                                                        فإن أهل الجاهلية ، قد كانوا يوصون بذلك أهليهم أن يفعلوه بعد وفاتهم .

                                                        فيكون الله عز وجل يعذبه في قبره بسبب ، قد كان سببه في حياته ، فعل بعد موته .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية