الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                        صفحة جزء
                                                        7353 - حدثنا الربيع بن سليمان المؤذن ، قال : ثنا شعيب بن الليث ، قال : حدثنا الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن إبراهيم بن صالح بن عبد الله ، واسمه الذي يعرف به نعيم بن النحام ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه صالحا ، أنه أخبره ، أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اخطب علي ابنة صالح ، فقال له : إن له يتامى ، ولم يكن ليؤثرنا عليهم .

                                                        فانطلق عبد الله إلى عمه زيد بن الخطاب ليخطب عليه ، فانطلق زيد بن الخطاب إلى صالح فقال : إن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أرسلني إليك يخطب ابنتك .

                                                        فقال : لي يتامى ، ولم أكن لأترب لحمي وأرفع لحمكم ، إني أشهدك أني قد أنكحتها فلانا ، وكان هوى أمها في عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا نبي الله خطب عبد الله بن عمر ابنتي ، فأنكحها أبوها يتيما في حجره ، ولم يؤامرها .

                                                        فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صالح فقال : أنكحت ابنتك ولم تؤامرها ؟ فقال : نعم .

                                                        فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أشيروا على النساء في أنفسهن ، وهي بكر ، فقال صالح : إنما فعلت هذا لما أصدقها ابن عمر رضي الله عنهما ، فإن لها في مالي مثل ما أعطاها
                                                        .

                                                        ففي هذا الحديث خلاف ما في الحديث الأول من الإسناد ومن المتن جميعا ؛ لأن هذا الحديث إنما هو موقوف على إبراهيم بن صالح ، والأول قد جوز به إبراهيم بن صالح إلى أبيه وإلى ابن عمر رضي الله عنهما .

                                                        فقد كان ينبغي على مذهب هذا المخالف لنا أن يجعل ما روى الليث بن سعد في هذا أولى مما رواه عبد الله بن لهيعة ؛ لثبت الليث وضبطه ، وقلة تخليط حديثه ، ولما في حديث عبد الله بن لهيعة من ضد ذلك .

                                                        وأما ما في متن هذا الحديث مما يخالف حديث عبد الله بن لهيعة ، فإن فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنعيم لما بلغه ما عقد على ابنته من النكاح بغير رضاها : أشيروا على النساء في أنفسهن ، فكان بذلك ردا على نعيم ؛ لأن نعيما لم يشاور ابنته في نفسها .

                                                        فهذا اختلاف ما في حديث عبد الله بن لهيعة .

                                                        [ ص: 370 ] فإن قال قائل : فليس في هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم فسخ النكاح .

                                                        قيل له : ذلك عندنا والله أعلم أن ابنة نعيم لم تحضر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فتسأله ذلك .

                                                        وإنما كانت حضرته أمها ، لا عن توكيل منها إياها بذلك ، حتى كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم يجب لها به الكلام عنها .

                                                        فكان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من الكلام لنعيم على جهة التعليم .

                                                        ولم يفسخ النكاح ، إذ كان ذلك من جهة القضاء ، وإن كان القضاء لا يجب إلا لحاضر باتفاق المسلمين جميعا .

                                                        ولقد روى الوليد بن مسلم ، عن ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رجلا زوج ابنته وهي بكر ، وهي كارهة ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه عنها .

                                                        فكيف يجوز أن يجعل حديث نعيم بن النحام على ما رواه عبد الله بن لهيعة إذ كان قد رده إلى عبد الله بن عمر وهذا واقع ، فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنهما خلاف ذلك .

                                                        ثم قد وجدنا حديثا قد روي في أمر ابنة نعيم بن النحام ، ما يدل على أنها كانت أيما .

                                                        التالي السابق


                                                        الخدمات العلمية