الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا نجس الكلب أو الخنزير بشربهما نجسا ما ماسا به الماء من أبدانهما وإن لم يكن عليهما نجاسة ، وكل ما لم ينجس بشربه فإذا أدخل في الماء يدا أو رجلا أو شيئا من بدنه لم ينجسه إلا بأن يكون عليه قذر فينجس القذر الماء لا جسده فإن قال قائل : فكيف جعلت الكلب والخنزير إذا شربا في إناء لم يطهره إلا سبع مرات وجعلت الميتة إذا وقعت فيه أو الدم طهرته مرة إذا لم يكن لواحد من هؤلاء أثر في الإناء ؟ قيل له اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال الشافعي ) : أخبرنا ابن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات } أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات } أخبرنا ابن عيينة عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات أولاهن أو أخراهن بتراب } ( قال الشافعي ) فقلنا في الكلب بما أمر به رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وكان الخنزير إن لم يكن في شر من حاله لم يكن في خير منها فقلنا به قياسا عليه ، وقلنا في النجاسة سواهما بما أخبرنا ابن عيينة عن هشام بن عروة أنه سمع امرأته فاطمة بنت المنذر تقول سمعت جدتي أسماء بنت أبي بكر تقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب فقال : { حتيه ثم اقرصيه ثم رشيه وصلي فيه } أخبرنا مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت سألت امرأة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله أرأيت إحدانا إذا أصاب ثوبها الدم من الحيضة كيف تصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها : { إذا أصاب ثوب إحداكن الدم من الحيضة فلتقرصه ثم لتنضحه بماء ثم لتصل فيه } ( قال الشافعي ) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغسل دم الحيضة ، ولم يوقت فيه شيئا وكان اسم الغسل يقع على غسله مرة وأكثر كما قال الله تبارك وتعالى { فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق } فأجزأت مرة ; لأن كل هذا يقع [ ص: 20 ] عليه اسم الغسل ( قال ) فكانت الأنجاس كلها قياسا على دم الحيضة لموافقته معاني الغسل والوضوء في الكتاب والمعقول ولم نقسه على الكلب ; لأنه تعبد ألا ترى أن اسم الغسل يقع على واحدة وأكثر من سبع ، وأن الإناء ينقى بواحدة وبما دون السبع ، ويكون بعد السبع في مماسة الماء مثل قبل السبع . .

التالي السابق


الخدمات العلمية