الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
دعوى المرأة انقضاء العدة ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإذا طلقت المرأة فمتى ادعت انقضاء العدة في مدة يمكن في مثلها أن تنقضي العدة فالقول قولها ، ومتى ادعت انقضاء العدة في مدة لا يمكن في مثلها انقضاء عدتها لم تصدق ولا تصدق إلا في مدة يمكن فيها انقضاء العدة والقول قوله إذا ادعت ما لا يمكن مثله بحال ، ولو طلق رجل امرأته فقالت من يومها قد انقضت عدتي لم يقبل منها حتى تسأل . فإن قالت قد أسقطت سقطا بان بعض خلقه أو ولدت ولدا ومات كان القول قولها إذا كان يلد مثلها فإن كانت صغيرة لا يلد مثلها أو عجوزا لا يمكن في مثلها أن تلد لم تصدق بحال ، ولو قالت قد انقضت عدتي في يوم أو غيره سئلت فإن قالت حضت ثلاث حيض لم تصدق لأنه لا يحيض من النساء أحد ثلاث حيض في مثل هذه المدة . وإن قالت قد حضت في أربعين ليلة ثلاث حيض وما أشبه هذا نظر . فإن كانت المدعية لانقضاء عدتها في مثل هذه المدة تذكر قبل الطلاق أنها كانت تحيض هكذا وتطهر صدقت في الحكم ، وكذلك إن كان من نساء الناس من يذكر ما وصفت ، وإن لم تكن هي ولا واحدة من النساء تذكر مثل هذا لم تصدق ، ومتى صدقتها في الحكم فلزوجها عليها اليمين بالله عز وجل لقد انقضت عدتها بما ذكرت من حيض وطهر أو سقط أو ولد .

فإن حلفت برئت منه ، وإن [ ص: 263 ] نكلت أحلفته ما انقضت عدتها وجعلت له عليها الرجعة ، وإذا صدقتها في الحكم بقولها قد انقضت عدتي صدقتها به قبل ارتجاعه إياها وصدقتها إذا قال قد راجعتك اليوم فقالت انقضت عدتي أمس أو في وقت من اليوم قبل الوقت الذي راجعها فيه إلا أن تقر بعد مراجعته إياها بأن لم تنقض عدتها ثم تدعي انقضاء العدة فلا أصدقها لأن الرجعة قد ثبتت بإقرارها ، وإن شاءت أن أحلفه لها ما علم عدتها انقضت فعلت فإن حلف لزمتها الرجعة وإن نكل أحلفت على البت لقد انقضت عدتها فإن حلفت فلا رجعة له عليها وإن نكلت فله عليها الرجعة ، ولو قال لها راجعتك فقالت قد انقضت عدتي أو قالت قد انقضت عدتي قبل أن تقول قد راجعتك في مدة يمكن فيها انقضاء عدتها ثم راجعها فقالت قد كنت كذبت فيما ادعيت من انقضاء عدتي أو قالته قبل أن يراجعها فراجعها ثبتت عليها الرجعة ، ولو رجعت عن الإقرار بانقضاء العدة لم يسقط ذلك الرجعة وهي كمن جحد حقا عليه ثم أقر به ، ولو قالت قد انقضت عدتي ثم قالت كذبت لم تنقض عدتي أو وهمت ثم قالت قد انقضت عدتي قبل أن يرتجعها ثم ارتجعها لم يكن له عليها رجعة إلا بأن تكذب نفسها بعد الرجعة فتقول لم تنقض عدتي ، وإذا قالت قد انقضت عدتي في مدة لا تنقضي عدة امرأة في مثلها فأبطلت قولها ثم جاءت عليها مدة تنقضي العدة في مثلها وهي ثابتة على قولها الأول قد انقضت عدتي فعدتها منقضية لأنها مدعية لانقضاء العدة في الحالين معا .

ولو طلق الرجل امرأته ثم قال أعلمتني بأن عدتها قد انقضت ثم راجعها لم يكن هذا إقرارا بأن عدتها قد انقضت لأنها قد تكذبه فيما أعلمته وتثبت الرجعة إذا قالت المرأة لم تنقض عدتي ، وإن قال قد انقضت عدتها وقالت هي قد انقضت عدتي ثم قال كذبت لم يكن له عليها رجعة لأنه أقر بانقضاء عدتها وكذلك لو صدقها بانقضاء العدة ثم كذبها لم يكن له عليها رجعة .

التالي السابق


الخدمات العلمية