الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقلت : أرأيت قول الله تبارك وتعالى { إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } أليس بين في كتاب الله عز وجل بأن فرض غسل القدمين ، أو مسحهما ؟ قال بلى : قلت لم مسحت على الخفين ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس إلى اليوم من ترك المسح على الخفين ويعنف من مسح ؟ قال ليس في رد من رده حجة ، وإذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء لم يضره من خالفه .

وقلت ونعمل به وهو مختلف فيه كما نعمل به لو كان متفقا عليه ولا نعرضه على القرآن ؟ قال لا ، بل سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على معنى ما أراد الله عز وجل قلنا فلم لا تقول بهذا في اليمين مع الشاهد وغيره مما تخالف فيه الحديث وتريد إبطال الحديث الثابت بالتأويل وبأن تقول الحديث يخالف ظاهر القرآن وقلت له : قال الله عز وجل { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } وقال الله عز وجل { الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة } وقال بعض الخوارج بمثل معنى قولك في اليمين مع الشاهد يقطع كل من لزمه اسم سرقة قلت سرقته ، أو كثرت ويجلد كل من لزمه اسم الزنا مملوكا كان ، أو حرا محصنا ، أو غير محصن وزعمت أن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه جلد الزاني ورجمه فلم رغبت عن هذا ؟ قال جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن لا يقطع إلا من سرق من حرز ومن بلغت سرقته شيئا موقتا دون غيره ورجم ماعزا ولم يجلده ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى ما أراد الله عز ذكره قلت له : وهل جاء هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بحديث كحديث اليمين مع الشاهد فما استطاع دفع ذلك وذكرت له أمر المواريث كلها وما ورث الله الولد ، والوالد ، والإخوة ، والأخوات والزوجة والزوج .

فقلت له : فلم قلت إذا كان الأب كافرا ، أو مملوكا ، أو قاتلا عمدا ، أو خطأ لم يرث واحد من هؤلاء قال : جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم { لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم } قلت فهل روي عن معاذ بن جبل ومعاوية وسعيد بن المسيب ومحمد بن علي بن حسين أنهم قالوا يرث المسلم الكافر وقال بعضهم كما تحل لنا نساؤهم ولا يرث الكافر المسلم كما لا تحل لهم نساؤنا فلم لم تقل به ؟ قال ليس في أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة وحديث النبي صلى الله عليه وسلم يقطع هذا ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قلنا وإن قال لك قائل : هؤلاء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعله أراد بعض الكافرين دون بعض قال مخرج القول من النبي صلى الله عليه وسلم عام فهو على العموم ولا نزعم أن وجها لتفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم قول غيره ، ثم قول من لم يحتمل ذلك الحديث المفسر ، وقد يكون لم يسمعه .

قلنا هذا كما قلت الآن فكيف زعمت أن المرتد يرثه ورثته من المسلمين ؟ قال بقول علي رضي الله تعالى عنه قلنا فقد قلنا لك إن احتج عليك بقول معاذ وغيره فقلت ليس فيه حجة فإن لم تكن فليست في حجتك [ ص: 19 ] بقول علي رضي الله تعالى عنه حجة وإن كانت فيه حجة فقد خالفتها مع أن هذا غير ثابت عن علي عند أهل العلم منكم وقلت له حديث اليمين مع الشاهد أثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث { لا يرث المسلم الكافر } فثبته ورددت قضاء النبي صلى الله عليه وسلم باليمين وهو أصح منه .

وقلت له في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم { لا يرث قاتل من قتل } حديث يرويه عمرو بن شعيب مرسلا وعمرو بن شعيب يروي مسندا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال { يرث قاتل الخطإ من المال ولا يرث من الدية ولا يرث قاتل العمد من مال ولا دية } وترد حديثه وتضعفه ، ثم نحتج من حديثه بأضعف مما احتججت به وقلت له قد قال الله عز ذكره { فإن كان له إخوة فلأمه السدس } ، وكان ابن عباس لا يحجبها عن الثلث إلا بثلاثة إخوة وهذا الظاهر وحجبتها بأخوين وخالفت ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ومعه ظاهر القرآن ( قال ) : قاله عثمان رضي الله تعالى عنه وقال توارث عليه الناس قلنا فإن قيل : لك فاترك ما توارثوا عليه إلى ظاهر القرآن ( قال ) : فقال عثمان أعلم بالقرآن منا وقلنا ابن عباس أيضا أعلم منا ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قال الله تبارك وتعالى { ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين } فقلت لبعض من يخالفنا في اليمين مع الشاهد إنما ذكر الله عز وجل المواريث بعد الوصية والدين فلم تختلف الناس في أن المواريث لا تكون حتى يقضي جميع الدين وإن أتى ذلك على المال كله أفرأيت إن قال لنا ولك قائل الوصية مذكورة مع الدين فكيف زعمت أن الميراث يكون قبل أن ينفذ شيء من جميع الوصية واقتصرت بها على الثلث هل الحجة عليه إلا أن يقال الوصية وإن كانت مذكورة بغير توقيت فإن اسم الوصية يقع على القليل ، والكثير فلما احتملت الآية أن يكون يراد بها خاص وإن كان مخرجها عاما استدللنا على ما أريد بالوصية بالخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين عن الله عز وجل معنى ما أراد الله عز وجل قال ما له جواب إلا هذا قلت : فإن قال لنا ولك قائل ما الخبر الذي دل على هذا ؟ قال : { قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد الثلث والثلث كثير } قلنا فإن قال لك هذه مشورة ليست بحكم ولا أمر أن لا يتعدى الثلث ، وقد قال غير واحد الخمس أحب إلي في الوصية من غير أن يقول لا تعدو الخمس ما الحجة عليه ؟ قال حديث عمران بن حصين { أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند الموت ، فأقرع رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة } قلنا فقال لك فدلك هذا على أن العتق وصية وأن الوصية مرجوعة إلى الثلث قال نعم أبين الدلالة قلنا فقال لك أفثابت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم حتى دلك على أن الوصية في القرآن على خاص ؟ قال نعم : قلنا فقال لك نوهيه بأن مخرج الوصية كمخرج الدين ، وقد قلت في الدين عام ، قال لا والسنة تدل على معنى الكتاب ، قلت فأي حجة على أحد أبين من أن تكون تزعم أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الدالة على معنى كتاب الله أن أقرع بين مماليك عمران بن حصين أعتقهم ستا ، فأعتق اثنين وأرق أربعة ، ثم خالفت ما زعمت أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينة فرق بها بين الوصية والدين ومخرج الكلام فيهما واحد فزعمت أن هؤلاء الرقيق كلهم يعتقون ويسعى كل واحد منهم في خمسة أسداس قيمته ، قال إني إنما قلته لأن { النبي صلى الله عليه وسلم قضى في عبد أعتق أن يعتق ثلثه ويسعى في ثلثي قيمته } ، قلنا هذا حديث غير ثابت ، ولو كان ثابتا لم يكن فيه حجة ، قال ومن [ ص: 20 ] أين ؟ قلت : أرأيت المعتق ستة أليس معتق ماله ومال غيره ، فأنفذ ماله ورد مال غيره قال بلى ، قلت : فكانت الستة يتجزءون ، والحق فيما يتجزأ إذا اشترك فيه قسم فأعطي كل من له حق نصيبه ؟ قال نعم قلت فإذا كان فيما لا يتجزأ لم يقسم مثل العبد الواحد والسيف ، قال نعم .

قلت : فالعبيد يتجزءون فجزأهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أفترد الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبر لا يخالفه في كل حال أم تمضي كل واحد منهما كما جاء ؟ قال ، بل أمضي كل واحد منهما كما جاء .

قلت : فلم لم تفعل في حديث عمران بن حصين حين رددته على ما يخالفه ; لأن ما يتجزأ يخالف في الحكم ما لا يتجزأ ، ولو جاز أن يكونا مختلفين فنطرح أحدهما للآخر طرح الضعيف للقوي وحديث الاستسعاء ضعيف ، ولو جاز أن يكون حديث عمران بن حصين في القرعة منسوخا ، أو غير ثابت لم يكن لنا ولك في الاقتصار بالوصايا على الثلث حجة ولا على قوم خالفوه في معنى آخر من هذا الحديث قال وما قالوا ؟ قلنا : قالوا قال الله عز وجل { : إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك } وقال في جميع المواريث مثل هذا المعنى فإنما ملك الله الأحياء ما كان يملك غيرهم بالميراث بعد موت غيرهم ، فأما ما كان مالك المال حيا فهو مالك ماله وسواء كان مريضا ، أو صحيحا ; لأنه لا يخلو مال من أن يكون له مالك وهذا مالك لا غيره فإذا أعتق جميع ما يملك ، أو وهب جميع ما يملك عتق بتات ، أو هبة بتات جاز العتق ، والهبة وإن مات ; لأنه في الحال التي أعتق فيها ووهب مالك قال ليس له من ذلك إلا الثلث ، قلنا فقال لك ما دلك على هذا ؟ قال حديث النبي صلى الله عليه وسلم في { رجل أعتق ستة مملوكين لا مال له غيرهم ، فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة } ، قلنا فإن قال لك إن كان الحديث معارضا بخلافه فلا يجوز أن يكون حكم الحديث عندك إلا أن يكون ضعيفا بالمعارض له وما كان ضعيفا عندك من الحديث فهو متروك ; لأن الشاهد إذا ضعف في الشهادة لم يحكم بشهادته التي ضعف فيها ، وكان معناه معنى من لم يشهدوا الحديث عندك في ذلك المعنى ، أو يكون منسوخا فالمنسوخ كما لم يكن قال ما هو بضعيف ولا منسوخ قلنا فإن قال لك فكيف جاز لك تركه في نفس ما حكم به فيه ولا يجوز لك تركه كله ؟ قال ما تركته كله ، قلنا فقال هو لفظ واحد وحكم واحد وتركك بعضه كتركك كله مع أنك تركت جميع ظاهر معانيه وأخذت بمعنى واحد بدلالة ، أو رأيت لو جاز لك أن تبعضه فتأخذ منه بشيء وتترك شيئا ، وأخذ رجل بالقرعة التي تركت وترك أن يرد ما صنع المريض في ماله إلى الثلث بالحجة التي وصفت أما كان هذا أولى أن يكون ذهب إلى شبهة من القرآن ، والقياس منك قال : وأين القياس قلت : أنت تقول ما أقر به لأجنبي في ماله ، ولو أحاط بماله جاز وما أتلف من ماله بعتق ، أو غيره ، ثم صح لم يرد ; لأنه أتلفه وهو مالك ، ولو أتلفه وهو غير مالك لم يجز له به ، وقلت له أرأيت حين { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك } وأذن بالسلف إلى أجل مسمى أليس هو بيع ما ليس عندك ؟ قال بلى ، قلت : فإن قال قائل : فهذان مختلفان عندك ؟ قال فإذا اختلفا في الجملة ووجدت لكل واحد منهما مخرجا ثبتهما جميعا ، وكان ذلك عندك أولى بي من أن أطرح أحدهما بالآخر فيكون لغيري أن يطرح الذي ثبت ويثبت الذي طرحت فقلت { نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك } على بيع العين لا يملكها وبيع العين بلا ضمان .

قال نعم ، قلت والسلف وإن كان ليس عندك أليس ببيع مضمون عليك ، فأنفذت كل واحد منهما ولم تطرحه بالآخر قال : نعم .

قلت : فلزمك هذا في حديث عمران بن حصين ، أو لا يكون مثل هذا حجة لك قلت : أرأيت إن قال قائل .

قال الله تبارك وتعالى { حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات [ ص: 21 ] الأخ وبنات الأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } ، ثم قال { كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم } فقال قد سمى الله من حرم ، ثم أحل ما وراءهن فلا أزعم أن ما سوى هؤلاء حرام فلا بأس أن يجمع الرجل بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتها ; لأن كل واحدة منهما تحل على الانفراد ولا أجد في الكتاب تحريم الجمع بينهما قال ليس ذلك له ، والجمع بينهما حرام ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه قلنا فإن قال لك أفتثبت نهي النبي صلى الله عليه وسلم بخبر أبي هريرة رضي الله تعالى عنه وحده عن الجمع بينهما وفي ظاهر الكتاب عندك إباحته ولا توهنه بظاهر الكتاب قال فإن الناس قد أجمعوا عليه قلنا فإذا كان الناس أجمعوا على خبر الواحد بتصديق المخبر عنه ولا يحتجون عليه بمثل ما تحتجون به ويتبعون فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء خبر آخر أقوى منه فكيف جاز لك أن تخالفه وكيف جاز لك أن تثبت ما اختلفوا فيه مما وصفنا بالخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم مرة وتعيب علينا أن ثبتنا ما هو أقوى منه وقلت لبعض من يقول هذا القول قد قال الله عز وجل { كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين ، والأقربين بالمعروف } فإن قال لك قائل تجوز الوصية لوارث قال روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قلنا فالحديث لا تجوز الوصية لوارث أثبت أم حديث اليمين مع الشاهد قال ، بل حديث اليمين مع الشاهد ولكن الناس لا يختلفون في أن الوصية لوارث منسوخة قلنا أليس بخبر قال بلى قلت : فإذا كان الناس يجتمعون على قبول الخبر ، ثم جاء خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم أقوى منه لم جاز لأحد خلافه قلنا أرأيت إن قال لك قائل لا تجوز الوصية إلا لذي قرابة فقد قاله طاوس قال العتق وصية قد أجازها النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمران للمماليك ولا قرابة لهم قلنا أفتحتج بحديث عمران مرة وتتركه أخرى وقلت له نصير بك إلى ما ليس فيه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نوجدك تخرج من جميع ما احتججت به وتخالف فيه ظاهر الكتاب عندك .

قال وأين قلت قال الله عز وجل { وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم } وقال الله عز وجل { ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها } فلم زعمت أنه إذا أغلق بابا ، أو أرخى سترا وهما يتصادقان أنه لم يمسها فلها الصداق كاملا وعليها العدة ، وقد أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن ليث بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس قال ليس لها إلا نصف المهر ولا عدة عليها وشريح يقول ذلك وهو ظاهر الكتاب قال قاله عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما ، قلنا وخالفهما فيه ابن عباس وشريح ومعهما عندك ظاهر الكتاب قال هما أعلم بالكتاب منا قلنا وابن عباس وشريح عالمان بالكتاب ومعهما عدد من المفتين فكيف قلت بخلاف ظاهر الكتاب في موضع قد نجد المفتين فيه يوافقون ظاهر الكتاب واحتججت في ذلك برجلين من أصحاب النبي عليه السلام ، وقد يخالفهما غيرهما وأنت تزعم أنك ما تخالف ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركت الحجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي ألزمنا الله طاعته والذي جاء عنه من اليمين مع الشاهد ليس يخالف حكم الكتاب قال ومن أين ؟ قلنا قال الله عز وجل { واستشهدوا شهيدين من رجالكم } { وأشهدوا ذوي عدل منكم } فكان هذا محتملا أن يكون دلالة من الله عز وجل على ما تتم به الشهادة ، حتى لا يكون على المدعي يمين لا تحريما أن يجوز أقل منه ولم يكن في التنزيل تحريم أن يجوز أقل منه ، وإذا وجدنا المسلمين قد يجيزون أقل منه فلا يكون أن يحرم الله أن يجوز أقل منه فيجيزه المسلمون قال ولا ننكر أن تكون السنة تبين معنى القرآن قلنا فلم عبت علينا [ ص: 22 ] السنة في اليمين مع الشاهد وقلت بما هو أضعف منها ؟ قال ، والأثر أيضا يفسر القرآن ، قلنا ، والأثر أيضا أضعف من السنة قال نعم قلت وكل هذا حجة عليك ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى فقال لي منهم قائل إذا نصب الله حكما في كتابه فلا يجوز أن يكون سكت عنه ، وقد بقي فيه شيء ولا يجوز لأحد أن يحدث فيه ما ليس في القرآن قال فقلت قد نصب الله عز وجل الوضوء ، فأحدثت فيه المسح على الخفين وليس في القرآن ونصب ما حرم من النساء وأحل ما وراءهن فقلت لا تنكح المرأة على عمتها ولا خالتها وسمى المواريث فقلت فيه لا يرث قاتل ولا مملوك ولا كافر وإن كانوا ولدا ووالدا وحجبت الأم من الثلث بالأخوين وجعل الله للمطلقة قبل أن تمس نصف المهر ولم يجعل عليها عدة ، ثم قلت إن خلا بها وإن لم يمس فلها المهر وعليها العدة فهذا كله عندك خلاف ظاهر القرآن ، واليمين مع الشاهد لا يخالف من ظاهر القرآن شيئا ; لأنا نحكم بشاهدين ولا يمين فإذا كان شاهد حكمنا بشاهد ويمين وليس هذا بخلاف لظاهر القرآن وقلت له فكيف حكم الله تعالى بين المتلاعنين قال أن يلتعن الزوج ، ثم تلتعن المرأة قلت ليس في القرآن غير ذلك قال نعم قلت فلم نفيت الولد قال بالسنة قلت فلم قلت لا يتناكحان ما كانا على اللعان قال بالأثر قلت فلم جلدته إذا أكذب نفسه وألحقت به الولد قال بقول بعض التابعين قلت فلم قلت إذا أبت أن تلتعن حبست قال بقول بعض الفقهاء قلت فنسمعك في أحكام منصوصة في القرآن قد أحدثت فيها أشياء ليست منصوصة في القرآن

التالي السابق


الخدمات العلمية