الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وإذا ارتد الزوج عن الإسلام وكفر فإن أبا حنيفة رحمه الله كان يقول : بانت منه امرأته إذا ارتد لا تكون مسلمة تحت كافر وبه يأخذ وكان ابن أبي ليلى يقول : هي امرأته على حالها حتى يستتاب فإن تاب فهي امرأته وإن أبى قتل وكان لها ميراثها منه ( قال الشافعي ) : رحمه الله : وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فنكاح امرأته موقوف فإن رجع إلى الإسلام قبل أن تنقضي عدتها فهما على النكاح الأول وإن انقضت عدتها قبل رجوعه إلى الإسلام فقد بانت منه والبينونة فسخ بلا طلاق وإن رجع إلى الإسلام فخطبها لم يكن هذا طلاقا وهذا مكتوب في كتاب المرتد ( قال ) : وإذا رجعت المرأة من أهل الإسلام إلى الشرك كان هذا والباب الأول سواء في قولهما جميعا غير أن أبا حنيفة كان يقول : يعرض على المرأة الإسلام فإن أسلمت خلي سبيلها وإن أبت حبست في السجن حتى تتوب ولا تقتل بلغنا ذلك عن ابن عباس [ ص: 168 ] رضي الله عنهما وكان ابن أبي ليلى يقول : إن لم تتب قتلت وبه يأخذ ثم رجع إلى قول أبي حنيفة وكيف تقتل وقد { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء في الحروب من أهل الشرك } فهذه مثلهم ( قال الشافعي ) : رحمه الله تعالى وإذا ارتدت المرأة عن الإسلام فلا فرق بينها وبين الرجل تستتاب فإن تابت وإلا قتلت كما يصنع بالرجل فخالفنا في هذا بعض الناس فقال : يقتل الرجل إذا ارتد ولا تقتل المرأة واحتج بشيء رواه عن ابن عباس لا يثبت أهل الحديث مثله وقد روي شبيه بذلك الإسناد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فلم نر أن نحتج به إذا كان إسناده مما لا يثبته أهل الحديث واحتج من خالفنا بأن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء في دار الحرب } وقال : إذا نهى عن قتل المشركات اللاتي لم يؤمن فالمؤمنة التي ارتدت عن الإسلام أولى أن لا تقتل قيل لبعض من يقول هذا القول : قد رويت أن { النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الكبير الفاني وعن قتل الأجير } ورويت أن أبا بكر الصديق نهى عن قتل الرهبان أفرأيت إن ارتد شيخ فان أو أجير أتدع قتلهما أو ارتد رجل راهب أتدع قتله ؟ قال : لا قيل : ولم ؟ ألأن حكم القتل على الردة حكم قتل حد لا يسع الوالي تعطيله مخالف لحكم قتل المشركين في دار الحرب ؟ قال : نعم قلت : فكيف احتججت بحكم دار الحرب في قتل المرأة ولم تره حجة في قتل الكبير الفاني والأجير والراهب ثم قلت لنا : أن ندع أهل الحرب بعد القدرة عليهم ولا نقتلهم وليس لنا أن ندع مرتدا فكيف ذهب عليك افتراقهما في المرأة فإن المرأة تقتل حيث يقتل الرجل في الزنا والقتل ؟ .

التالي السابق


الخدمات العلمية