الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ما يحل من الحرائر ولا يتسرى العبد وغير ذلك من الجامع من كتاب النكاح وكتاب ابن أبي ليلى ، والرجل يقتل أمته ولها زوج ( قال الشافعي ) انتهى الله تعالى بالحرائر إلى أربع تحريما لأن يجمع أحد غير النبي صلى الله عليه وسلم بين أكثر من أربع والآية تدل على أنها على الأحرار بقوله تعالى { أو ما ملكت أيمانكم } وملك اليمين لا يكون إلا للأحرار الذين يملكون المال والعبد لا يملك المال .

( قال ) فإذا فارق الأربع ثلاثا ثلاثا تزوج مكانهن في عدتهن ; لأن الله تعالى أحل لمن لا امرأة له أربعا وقال بعض الناس لا ينكح أربعا حتى تنقضي عدة الأربع ; لأني لا أجيز أن يجتمع ماؤه في خمس أو في أختين ( قلت ) فأنت تزعم لو خلا بهن ولم يصبهن أن عليهن العدة فلم يجتمع فيهن ماؤه فأبح له النكاح وقد فرق الله تعالى بين حكم الرجل والمرأة فجعل إليه الطلاق وعليها العدة فجعلته يعتد معها ثم ناقضت في العدة .

( قال ) وأين ؟ قلت : إذ جعلت عليه العدة كما جعلتها عليها أفيجتنب ما تجتنب المعتدة من الطيب والخروج من المنزل ؟ قال : لا قلت : فلا جعلته في العدة بمعناها ولا فرقت بما فرق الله تعالى به بينه وبينها وقد جعلهن الله منه أبعد من الأجنبيات ; لأنهن لا يحللن له إلا بعد نكاح زوج وطلاقه أو موته وعدة تكون بعده والأجنبيات يحللن له من ساعته .

( قال ) ولو قتل المولى أمته أو قتلت نفسها فلا مهر لها ، وإن باعها حيث لا يقدر عليها فلا مهر لها حتى يدفعها إليه ، وإن طلب أن يبوئها معه بيتا لم يكن ذلك على السيد .

( قال ) ولو وطئ رجل جارية ابنه فأولدها كان عليه مهرها وقيمتها .

( قال المزني ) قياس قوله أن لا تكون ملكا لأبيه ولا أم ولد بذلك وقد أجاز أن يزوجه أمته فيولدها فإذا لم تكن له بأن يولدها من حلال أم ولد بقيمة فكيف بوطء حرام وليس بشريك فيها فيكون في معنى من أعتق شركا له في أمة وهو لا يجعلها أم ولد للشريك إذا أحبلها وهو معسر وهذا من ذلك أبعد .

( قال ) : وإن لم يحبلها فعليه عقرها وحرمت على الابن ولا قيمة له بأن حرمت عليه وقد ترضع امرأة الرجل بلبنه جاريته الصغيرة فتحرم عليه ولا قيمة له .

( قال الشافعي ) وقال الله تعالى { والذين هم لفروجهم حافظون } الآية ، وفي ذلك دليل أن الله تبارك وتعالى أراد الأحرار ; لأن العبيد لا يملكون ، وقال عليه الصلاة والسلام { من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترطه المبتاع } فدل الكتاب والسنة أن العبد لا يملك مالا بحال وإنما يضاف إليه ماله كما يضاف إلى الفرس سرجه وإلى الراعي غنمه ( فإن قيل ) فقد روي عن ابن عمر رضي الله عنه أن العبد يتسرى .

( قيل ) وقد روي خلافه قال ابن عمر رضي الله عنهما لا يطأ الرجل إلا وليدة إن شاء باعها ، وإن [ ص: 269 ] شاء وهبها ، وإن شاء صنع بها ما شاء قال : ولا يحل أن يتسرى العبد ولا من لم تكمل فيه الحرية بحال ولا يفسخ نكاح حامل من زنا ، وأحب أن تمسك حتى تضع { وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم : إن امرأتي لا ترد يد لامس ; قال طلقها قال : إني أحبها قال فأمسكها } وضرب عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلا وامرأة في زنا وحرص أن يجمع بينهما فأبى الغلام .

التالي السابق


الخدمات العلمية