الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
من له الكفارة بالصيام من كتابين .

( قال الشافعي ) رحمه الله من كان له مسكن وخادم لا يملك غيرهما ولا ما يشتري به مملوكا كان له أن يصوم شهرين متتابعين ، وإن أفطر من عذر أو غيره أو صام تطوعا أو من الأيام التي نهي صلى الله عليه وسلم عن صيامها استأنفهما متتابعين ، وقال في كتاب القديم : إن أفطر المريض بنى واحتج في القاتلة التي عليها صوم شهرين متتابعين إذا حاضت أفطرت فإذا ذهب الحيض بنت وكذلك المريض إذا ذهب المرض بنى .

( قال ) المزني رحمه الله وسمعت الشافعي منذ دهر يقول : إن أفطر بنى .

( قال المزني ) رحمه الله : وإن هذا لشبيه ; لأن المرض عذر وضرورة والحيض عذر وضرورة من قبل الله عز وجل يفطر بهما في شهر رمضان وبالله التوفيق .

( قال ) وإذا صام بالأهلة صام هلالين ، وإن كان تسعة أو ثمانية وخمسين ولا يجزئه حتى يقدم نية الصوم قبل الدخول ، ولو نوى صوم يوم فأغمي عليه فيه ثم أفاق قبل الليل أو بعده ولم يطعم أجزأه إذا دخل فيه قبل الفجر وهو يعقل فإن أغمي عليه قبل الفجر لم يجزئه ; لأنه لم يدخل في الصوم وهو يعقل .

( قال المزني ) رحمه الله : كل من أصبح نائما في شهر رمضان صام ، وإن لم يعقله إذا تقدمت نيته .

( قال ) : ولو أغمي عليه فيه وفي يوم بعده ولم يطعم استأنف الصوم ; لأن في اليوم الذي أغمي عليه فيه كله غير صائم ولا يجزئه إلا أن ينوي كل يوم منه على حدته قبل الفجر ; لأن كل يوم منه غير صاحبه ، ولو صام شهر رمضان في الشهرين أعاد شهر رمضان واستأنف شهرين .

( قال ) وأقل ما يلزم من قال : إن الجماع بين ظهراني الصوم يفسد الصوم لقوله تعالى { من قبل أن يتماسا } أن يزعم أن الكفارة بالصوم والعتق لا يجزئان بعد أن يتماسا .

( قال ) والذي صام شهرا قبل التماس وشهرا بعده أطاع الله في شهر وعصاه بالجماع قبل شهر يصومه ، وأن من جامع قبل الشهر الآخر منهما أولى أن يجوز من الذي عصى الله بالجماع قبل الشهرين معا .

( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وإنما حكمه في الكفارات حين يكفر كما حكمه في الصلاة حين يصلي .

( قال ) : ولو دخل في الصوم ثم أيسر كان له أن يمضي على الصيام [ ص: 311 ] والاختيار له أن يدع الصوم ويعتق .

( قال المزني ) رحمه الله : ولو كان الصوم فرضه ما جاز اختيار إبطال الفرض والرقبة فرض ، وإن وجدها لا غيرها كما إن الوضوء بالماء فرض إذا وجده لا غيره ولا خيار في ذلك بين أمرين فلا يخلو الداخل في الصوم إذا وجد الرقبة من أن يكون بمعناه المتقدم فلا فرض عليه إلا الصوم فكيف يجزئه العتق وهو غير فرضه أو يكون صومه قد بطل لوجود الرقبة فلا فرض إلا العتق فكيف يتم الصوم فيجزئه وهو غير فرضه فلما لم يختلفوا أنه إذا أعتق أدى فرضه ثبت أن لا فرض عليه غيره وفي ذلك إبطال صومه كمعتدة بالشهور فإذا حدث الحيض بطلت الشهور وثبت حكم الحيض عليها ولما كان وجود الرقبة يبطل صوم الشهرين كان وجودها بعد الدخول في الشهور يبطل ما بقي من الشهور ، وفي ذلك دليل أنه إذا وجد الرقبة بعد الدخول بطل ما بقي من الشهرين .

وقد قال الشافعي رحمه الله بهذا المعنى زعم في الأمة تعتق وقد دخلت في العدة أنها لا تكون في عدتها حرة وتعتد عدة أمة ، وفي المسافر يدخل في الصلاة ثم يقيم لا يكون في بعض صلاته مقيما ويقصر ثم قال : وهذا أشبه بالقياس .

( قال المزني ) فهذا معنى ما قلت وبالله التوفيق .

ولو قال لعبده : أنت حر الساعة عن ظهاري إن تظهرته كان حرا لساعته ولم يجزئه إن يتظهر ; لأنه لم يكن ظهار ولم يكن سبب منه

التالي السابق


الخدمات العلمية