الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            باب دخول الكعبة والصلاة فيها

                                                            عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح فأغلقاها عليه ومكث فيها. قال عبد الله بن عمر فسألت بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه، وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى .

                                                            وفي رواية ابن القاسم عن مالك وجعل بينه وبين الجدار نحوا من ثلاثة أذرع وفي رواية للبخاري عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره وفي رواية لمسلم عمودا عن يمينه وعمودين عن يساره وله في رواية بين العمودين اليمانيين ولهما ونسيت أن أسأله كم صلى .

                                                            وللبخاري صلى ركعتين بين الساريتين اللتين عن يساره إذا دخلت وله " وعند المكان الذي صلى فيه مرمرة حمراء " وللدارقطني استقبل الجزعة وللشيخين من حديث ابن عباس فدعا فيه ولم يصل وابن عباس لم يشهد القصة وإنما حدثه بذلك أسامة بن زيد كما رواه مسلم

                                                            التالي السابق


                                                            (باب دخول الكعبة والصلاة فيها)

                                                            عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح فأغلقاها عليه ومكثا فيها قال عبد الله بن عمر فسألت بلالا حين خرج ماذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة ثم صلى .

                                                            (فيه) فوائد

                                                            (الأولى) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من طريق مالك وأخرجه البخاري ومسلم أيضا من طريق أيوب السختياني والبخاري من طريق موسى بن عقبة وجويرية بن أسماء وفليح بن سليمان ويونس بن يزيد ومسلم وأبو داود من طريق عبيد الله بن عمر ومسلم والنسائي من طريق [ ص: 130 ] عبد الله بن عون وابن ماجه من طريق حسان بن عطية كلهم عن نافع وأخرجه الشيخان والنسائي من طريق سالم بن عبد الله بن عمر ، والبخاري والنسائي من طريق مجاهد والنسائي من طريق ابن أبي مليكة كلهم عن ابن عمر وروى الترمذي من حديث عمرو بن دينار عن ابن عمر عن بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة وقال حديث بلال حديث حسن صحيح.

                                                            (الثانية) فيه استحباب دخول الكعبة اقتداء به عليه الصلاة والسلام وهذا متفق عليه وقد ورد الترغيب فيه في حديث رواه البيهقي من حديث ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل البيت دخل في حسنة وخرج من سيئة مغفورا له قال البيهقي تفرد به عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف وقال المحب الطبري هو حديث حسن غريب ومحل استحبابه إذا لم يؤذ بدخوله أحدا لزحمة ونحوها.

                                                            قال الشافعي رحمه الله واستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحدا بدخوله وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها قالت خرج النبي صلى الله عليه وسلم من عندي وهو قرير العين طيب النفس فرجع إلي وهو حزين فقلت له فقال إني دخلت الكعبة ووددت أني لم أكن فعلت، إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي لفظ الترمذي وقال حسن صحيح.

                                                            ورواه الحاكم في مستدركه وصححه ولعل معناه إتعابهم بتجشم المشقة في الدخول مع تعسر ذلك وفي مصنف ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه قال (يا أيها الناس إن دخولكم البيت ليس من حجكم في شيء) وعن إبراهيم النخعي في الحاج إن شاء دخل الكعبة وإن شاء لم يدخلها وعن خيثمة لا يضرك [ ص: 131 ] والله أن لا تدخله وعن عطاء إن شئت فلا تدخله، وما ذكره هؤلاء لا ينافي استحباب دخوله وإنما ذكروا ذلك لئلا يتوهم وجوبه أيضا فإنه ليس من جملة المناسك بل هو مستحب مستقل والله أعلم.

                                                            (الثالثة) دخوله عليه الصلاة والسلام الكعبة كان في الفتح كما هو في الصحيحين من حديث ابن عمر ولم يدخل الكعبة في عمرته كما في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما ولم ينقل فيما أعلم دخوله في حجه، ولعل تركه الدخول في عمرته وحجته لئلا يتوهم كونه من المناسك وليس منها وإنما هو سنة مستقلة كما قدمته وقال البيهقي دخوله كان في حجته وحديث ابن أبي أوفى في عمرته فلا معارضة بينهما، وما ذكره من أن دخوله في حجته مردود وإنما كان في الفتح كما قدمته.

                                                            وقال النووي في شرح مسلم لا خلاف في أن دخوله كان يوم الفتح ولم يكن في حجة الوداع ثم قال بعد ذلك قال العلماء وسبب عدم دخوله أي في عمرته ما كان في البيت من الأصنام والصور ولم يكن المشركون يتركونه ليغيرها فلما فتح الله تعالى عليه مكة دخل البيت وصلى فيه وأزال الصور قبل دخوله (قلت) لو كان المعنى ما ذكره لدخل في حجة الوداع فلعل المعنى الذي أبديته أوجه، والله أعلم.

                                                            وقال أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة حدثني جدي قال سمعت سفيان يقول سمعت غير واحد من أهل العلم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح ثم حج فلم يدخلها قال والدي رحمه الله (في إحياء القلب الميت بدخول البيت ) وإنما أريد بذلك بعد الهجرة فأما قبل الهجرة وهو بمكة ففي طبقات ابن سعد عن عثمان بن طلحة في أثناء قصة أنه عليه الصلاة والسلام دخلها على أن في [ ص: 132 ] بعض الروايات أنه دخلها يوم الفتح مرتين رواه الدارقطني عن ابن عمر قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم البيت ثم خرج وبلال خلفه فقلت لبلال هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال لا، فلما كان من الغد دخل فسألت بلالا هل صلى ؟ قال نعم ، قال وقد ورد أيضا ما يدل على أنه دخلها في حجة الوداع فذكر حديث عائشة الذي ذكرته في الفائدة قبلها وفيه أني دخلت الكعبة وكأن وجه ذلك أن عائشة رضي الله عنها إنما كانت معه في حجة الوداع والله أعلم.

                                                            (الرابعة) قال المهلب شارح البخاري إدخال النبي صلى الله عليه وسلم معه هؤلاء الثلاثة لمعان تخص كل واحد منهم فأما دخول عثمان فلخدمته البيت في الغلق والفتح والكنس ولو لم يدخله لغلق بابها لتوهم الناس أنه عزله، وأما بلال فمؤذنه وخادم أمر صلاته. وأما أسامة فمتولي خدمة ما يحتاج إليه وهم خاصته فللإمام أن يستخص خاصته ببعض ما يستتر به عن الناس ا هـ.

                                                            وفي سنن النسائي من رواية ابن عون عن نافع عن ابن عمر دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت ومعه الفضل بن عباس وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال الحديث فزاد معهم الفضل وهو غريب وقد رواه النسائي من هذا الوجه أيضا وليس فيه ذكر الفضل ، وفي مسند أحمد من رواية مجاهد عن ابن عباس قال حدثني أخي الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة ولكنه لما دخلها وقع ساجدا بين العمودين ثم جلس يدعو وهذه الرواية شاذة من وجهين دخول الفضل معهم والاقتصار على السجود وفي صحيح مسلم [ ص: 133 ] من رواية سالم عن أبيه في الحديث المتقدم ولم يدخلها معهم أحد.

                                                            (الخامسة) قوله فأغلقاها عليه كذا في هذه الرواية بالتثنية والضمير عائد على المذكورين آخرا وهما عثمان وبلال وفي رواية للبخاري ومسلم فأغلقوا عليهم وفي رواية لمسلم فأغلقها والضمير عائد لعثمان فإنه في تلك الرواية أقرب مذكور وفي رواية له التصريح بذلك قال فيها وأجاف عليهم عثمان بن طلحة الباب والجمع بين هذه الروايات أن عثمان هو المباشر للإغلاق لأنها وظيفته ولهذا انفرد بالفتح وأما ضم بلال إليه في رواية فلعله ساعده في ذلك وأما الرواية التي نسب فيها ذلك إلى الجميع فوجه نسبته إلى غير عثمان للأمر بذلك فالفعل ينسب تارة إلى فاعله وتارة إلى الآمر به، والله أعلم.

                                                            (السادسة) قال ابن بطال وأما غلق الباب والله أعلم حين صلى في البيت لئلا يظن الناس أن الصلاة فيه سنة فيلزمون ذلك وقال النووي في شرح مسلم إنما أغلقها عليه السلام ليكون أسكن لقلبه وأجمع لخشوعه ولئلا يجتمع الناس ويدخلوه أو يزدحموا فينالهم ضرر ويتهوش عليه الحال بسبب لغطهم انتهى.

                                                            وما ذكره النووي أظهر وما ذكره ابن بطال ضعيف فإنه عليه الصلاة والسلام لا يخفى صلاته في البيت وقد شاهدها جماعة ونقلوها وقيل إنما أغلقها ليصلي إلى جميع جهاتها فإن الباب إذا كان مفتوحا وليس أمامه قدر مؤخرة الرجل لم تصح الصلاة حكاه المحب الطبري .

                                                            (السابعة) فيه اختصاص جماعة بدخولهم الكعبة وإغلاقها عليهم وفي تاريخ الأزرقي أن خالد بن الوليد كان يومئذ بالباب يذب الناس .



                                                            (الثامنة) وفيه إغلاق الكعبة ويقاس بها غيرها من المساجد وقد قيل في قوله تعالى في بيوت أذن الله أن ترفع أن المراد به إغلاقها في غير وقت الصلاة وبوب البخاري في صحيحه على هذا الحديث (باب الأبواب والغلق للكعبة والمساجد) وقال ابن بطال اتخاذ الأبواب للمساجد واجب لتصان عن مكان الريب وتنزه عما لا يصلح فيها من غير الطاعات.

                                                            (التاسعة) لم يبين في هذه الرواية مدة مكثه فيها وفي رواية للبخاري فمكث فيها نهارا طويلا .



                                                            (العاشرة) فيه رواية الصاحب عن الصاحب وفيه قبول خبر الواحد ولا يقال كيف يثبتون خبر [ ص: 134 ] الواحد بخبر الواحد لأن هذا فرد من أفراد يحصل من مجموعها التواتر فينبه عليه ليحفظ ويضم إليه غيره



                                                            (الحادية عشرة) في هذه الرواية إثبات صلاته عليه الصلاة والسلام في الكعبة وفي صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه ورواه مسلم بلفظ ودعا ولم يصل وإنما تلقى ابن عباس ذلك عن أسامة بن زيد ففي صحيح مسلم عنه أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال هذه القبلة والعمل على الإثبات فإنه مقدم على النفي.

                                                            قال ابن بطال الآثار أنه صلى أكثر ولو تساوت في الكثرة لكان الأخذ بالمثبت أولى من النافي فقد روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى في البيت غير بلال جماعة منهم أسامة بن زيد وعمر بن الخطاب وجابر وشيبة بن عثمان وعثمان بن طلحة من طرق حسان ذكرها الطحاوي كلها وفي شرح معاني الآثار وقال ابن عبد البر رواية أنه صلى أولى من رواية أنه لم يصل لأنها زيادة مقبولة وليس قول من قال لم يفعل بشهادة.

                                                            وقال النووي في شرح مسلم أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فوجب ترجيحه وكذا حكى ابن العربي عن العلماء ثم قال وهذا إنما يكون لو كان الخبر عن اثنين فأما وقد اختلف قول ابن عمر فأثبت مرة ونفى أخرى. وقول النفي رواية ابن عباس فلا أدري ما هذا انتهى وفيه نظر من وجهين:

                                                            (أحدهما) أنه لا فرق في ذلك بين أن يكون الخبر عن واحد أو اثنين فالإثبات مقدم ولو كان الاختلاف على واحد.

                                                            (الثاني) أن ذكر ابن عمر سهو فإنه لم يرد عنه النفي ولعله أراد أسامة فسبق قلمه إلى ابن عمر فأما نفي أسامة فقد سبق وأما إثباته فروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي الشعثاء قال: خرجت حاجا فجئت حتى دخلت البيت فلما كنت بين الساريتين مضيت حتى لزمت الحائط فجاء ابن عمر فصلى إلى جنبي فصلى أربعا فلما صلى قلت له أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت فقال أخبرني أسامة بن زيد أنه صلى ههنا فقلت كم صلى ؟ فقال على هذا أجدني ألوم نفسي. إني مكثت معه عمرا فلم أسأله كم صلى [ ص: 135 ] ويوافق هذه الرواية لفظ رواية مسلم من رواية عبد الله بن عون عن نافع عن ابن عمر فإن فيها بعد ذكر أسامة وبلال وعثمان فقلت أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم قالوا هاهنا، قال ونسيت أن أسألهم كم صلى ، ومقتضاها نسبة ذلك إلى جميعهم والمشهور عن أسامة النفي كما تقدم.

                                                            وقال القاضي عياض : إن أهل الحديث وهنوا هذه الرواية فقال الدارقطني وهم ابن عون هنا وخالفه غيره فأسندوه عن بلال وحده قال القاضي وهذا هو الذي ذكره مسلم في باقي الطرق إلا أن في رواية حرملة عن ابن وهب فأخبرني بلال أو عثمان بن طلحة هكذا هو عند عامة شيوخنا وفي بعض النسخ وعثمان قال وهذا يعضد رواية ابن عون والمشهور انفراد بلال برواية ذلك.

                                                            (الثانية عشرة) إن قلت كيف الجمع بين إثبات بلال ونفي أسامة مع دخولهما مع النبي صلى الله عليه وسلم في مرة واحدة ؟ (قلت) أجيب عنه بأوجه:

                                                            (أحدها) قال النووي في شرح مسلم وأما نفي أسامة فسببه أنهم لما دخلوا الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله وكانت صلاته خفيفة فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء وجاز له نفيها عملا بظنه وأما بلال فتحققها فأخبر بها.

                                                            (الثاني) أنه يحتمل أن يكون أسامة غاب عنه بعد دخوله لحاجة فلم يشهد صلاته أجاب به الشيخ محب الدين الطبري قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي ويدل ما رواه أبو بكر بن المنذر من حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صورا في الكعبة فكنت آتيه بماء في الدلو يضرب به الصور قال فقد أخبر أسامة أنه كان يخرج لنقل الماء وكان ذلك كله يوم الفتح.

                                                            (الثالث) قال ابن حبان في صحيحه الأشبه عندي أن يحمل الخبران على دخولين متقاربين:

                                                            (أحدهما) يوم الفتح وصلى فيه والآخر في حجة الوداع ولم يصل فيه من غير أن يكون بينهما تضاد وكذا قال المهلب شارح البخاري يحتمل أن يكون دخل مرتين صلى في إحداهما ولم يصل في الأخرى قال المحب الطبري ويتأيد ذلك بما أخرجه الشيخان عن إسماعيل بن أبي خالد قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى [ ص: 136 ] أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت في عمرته ؟ قال لا ، قال فتعين الدخول في الحج والفتح قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي ما جمع به ابن حبان مخالف لما في الصحيح من كون اختلاف بلال وأسامة إنما هو في دخول واحد وهو يوم الفتح نعم الاختلاف الذي عن أسامة في صلاته يجوز أن يجمع بينهما بأنه في دخولين إما في سفرة أو في سفرتين.

                                                            (قلت) وقد تقدم في الفائدة الثالثة عن سفيان بن عيينة عن غير واحد من أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما دخل الكعبة مرة واحدة عام الفتح ثم حج فلم يدخلها .

                                                            الرابع أن المراد بإثبات بلال الصلاة اللغوية وهي الدعاء لا الصلاة الشرعية حكاه والدي رحمه الله في شرح الترمذي عن بعض من منع الصلاة في الكعبة قال وهو جواب فاسد يرده قول ابن عمر في الصحيح ونسيت أن أسأله كم صلى وقوله في بعض طرقه في صحيح البخاري أنه صلى ركعتين وسيأتي بيانه بعد ذلك.

                                                            (الثالثة عشرة) قوله جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه كذا في رواية البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس وكذا في رواية أبي داود عن القعنبي كلاهما عن مالك وفي رواية البخاري عن عبد الله بن يوسف عن مالك جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وفي رواية مسلم عن يحيى بن يحيى عن مالك عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه ونقل ابن عبد البر في التمهيد اللفظ الأول عن الأكثر من رواة الموطإ منهم يحيى بن يحيى الأندلسي والقعنبي وابن القاسم وأبو مصعب وابن بكير ومحمد بن الحسن وإسحاق بن سليمان وأحمد بن إسماعيل وابن مهدي من رواية أحمد بن سنان القطان عنه والشافعي من رواية أبي يحيى محمد بن سعيد العطار عنه ونقل اللفظ الثاني عن إسحاق بن الطباع ومكي بن إبراهيم وأبي قلابة عن بشر بن عمر وبندار عن ابن مهدي كلهم عن مالك ونقل اللفظ الثالث عن يحيى بن يحيى النيسابوري وبندار عن بشر بن عمر والربيع عن الشافعي كلهم عن مالك قال ورواه عثمان بن عمر عن مالك فقال فيه جعل عمودين عن يمينه وعمودين عن يساره وقال ولم يتابع على هذه الرواية قال والرواية الأولى أولى بالصواب إن شاء الله.

                                                            وصحح [ ص: 137 ] البيهقي أيضا هذه الرواية قال والدي رحمه الله في شرح الترمذي وهي موافقة لكونه مقابل الباب وفي رواية في الصحيح أيضا صلى بين العمودين اليمانيين وإذا تقرر ترجيح الرواية الأولى فلا ينافيها قوله في الرواية الثانية عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره لأن معناها صلى بين عمودين وإن كان بجانب أحد العمودين عمود آخر ولا قوله في الرواية الأخيرة بين العمودين اليمانيين فإن العمد الثلاثة أحدها يماني وهو الأقرب إلى الركن اليماني والآخر وهو الأقرب إلى الحجر شامي والأوسط بينهما إن قرن بالأول قيل اليمانيان وإن قرن بالثاني قيل الشاميان ذكره المحب الطبري وهو واضح.

                                                            وأما الرواية الثالثة فإنه يتعذر الجمع بينها وبين الأولى فهي ضعيفة لشذوذها ومخالفتها رواية الأكثرين كما تقدم وأما الرواية الرابعة فهي مقطوع بوهمها إذ ليس هناك أربعة أعمدة حتى يكون عن يمينه اثنان وعن يساره اثنان.

                                                            (الرابعة عشرة) لم يفصح في هذه الرواية عن القدر الذي بينه وبين الجدار لكنه معلوم من كونه كان بين العواميد المتقدمة فإن مقدار ما بينها وبين الجدار معروف وقد أفصح عن ذلك في رواية أبي داود في سننه عن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأزرمي عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك قال فيها ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع وذكر ابن عبد البر أن ابن عفير وابن وهب وشبابة بن سوار رووها عن مالك كذلك ورواه النسائي من رواية ابن القاسم عن مالك وفيه وجعل بينه وبين الجدار نحوا من ثلاثة أذرع ويوافق ذلك ما في صحيح البخاري من طريق موسى بن عقبة عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل وجعل الباب قبل ظهره فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريب من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه ، قال وليس على أحد بأس إن صلى في أي نواحي البيت شاء وفي تاريخ مكة للأزرقي أن معاوية سأل ابن عمر رضيالله عنهم أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عام دخلها ؟ قال بين العمودين المقدمين اجعل بينك وبين الجدار ذراعين أو ثلاثة وهذه الروايات موافقة في المعنى [ ص: 138 ] للرواية المشهورة فإن بين العواميد المقدمة وبين الجدار هذا القدر وينبغي تحري هذه البقعة للصلاة فيها، وقد يقال بأن الصلاة فيها أفضل من غيرها من بقاع الكعبة للاتباع، وقد يقال إنما فعل عليه الصلاة والسلام ذلك اتفاقا لا أنه مقصود، فيكون كالأمور الجبلية والله أعلم.

                                                            وقال والدي رحمه الله في إحياء القلب الميت ينبغي أن لا يجعل بينه وبين الجدار أقل من ثلاثة أذرع فإما أن يصادف مصلاه أو يقع وجهه وذراعاه في مكان قدميه فهو أولى من التقدم عنه.

                                                            (الخامسة عشرة) إن قلت لم لم يقرب عليه الصلاة والسلام من السترة مع أمره بذلك في غير هذا الحديث ؟ (قلت) جوابه من وجهين:

                                                            (أحدهما) أن محل ذلك ما إذا خشي المرور بينه وبين السترة وهذا هنا مأمون لإغلاق الباب وانحصار الكائنين في البيت في تلك الحالة.

                                                            (ثانيهما) أن المراد بالقرب أن يكون بينه وبين السترة ثلاثة أذرع فما دونها وقد دلت الرواية المتقدمة على أنه كان بينه وبين الجدار هذا المقدار وقد استدل النسائي في سننه بهذه الرواية على أن هذا القدر هو حد الدنو من السترة.

                                                            (السادسة عشرة) لم يبين في هذه الرواية ولا في أكثر الروايات عدد ركعات صلاته بل في الصحيحين عن ابن عمر أنه قال ونسيت أن أسأله يعني بلالا كم صلى لكن في أوائل الصلاة من صحيح البخاري حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سيف قال سمعت مجاهدا قال أتي ابن عمر رضي الله عنهما فقيل له هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة قال ابن عمر فأقبلت والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج وأجد بلالا قائما بين البابين فسألت بلالا فقلت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكعبة ؟ قال نعم ركعتين بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين وما أدري ما أقول في هذه الرواية وقد أعادها البخاري في باب ما جاء في التطوع مثنى مثنى رواها عن أبي نعيم عن سيف وليس فيها هذه الزيادة وهي أن صلاته في الكعبة كانت ركعتين نعم رواها النسائي من رواية أبي نعيم وفيها ذكر الركعتين وروى النسائي أيضا عن ابن أبي مليكة أن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة الحديث وفيه فسألت بلالا هل صلى رسول الله [ ص: 139 ] صلى الله عليه وسلم في الكعبة ، قال نعم ركعتين بين الساريتين .

                                                            ولم يستحضر النووي في شرح مسلم رواية البخاري فاقتصر على ذكر ما في سنن أبي داود بإسناد فيه ضعف عن عبد الرحمن بن صفوان قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة ، قال صلى ركعتين ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه من هذا الوجه عن صفوان أو ابن صفوان أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت ركعتين حين دخله ولم أتوقف في رواية البخاري لاستغراب كونه عليه الصلاة والسلام صلى ركعتين فإن هذا هو المعروف من عادته إنما توقفت فيها لقول ابن عمر ونسيت أن أسأله كم صلى وهو في الصحيحين وقال والدي في إحياء القلب الميت يحتمل أنه لم يسأله عن ذلك وإنما أخبره به بلال بغير سؤال، وفيه بعد. لأنه لم يكن حينئذ يلوم نفسه على ترك السؤال لحصول مقصوده بدونه.

                                                            ويحتمل أن ابن عمر حدث به من قبل أن يسأل بلالا ثم سأل بلالا بعد ذلك أو حدث به بلال بعد ذلك فذكر فيه أنه صلى ركعتين وفيه بعد أيضا لأن بعض من حدثه عنه بكونه لم يسأل بلالا عن ذلك إنما سمع منه بعد وفاة بلال ويحتمل أن ابن عمر وإن سمع من بلال أنه صلى ركعتين لم يكتف بذلك في أنه لم يصل غيرهما لأن من صلى أربعا أو أكثر يصدق عليه أنه صلى ركعتين على القول بأن مفهوم العدد ليس بحجة كما هو المرجح في الأصول فيكون الذي نسي أن يسأله عنه هل زاد على الركعتين شيئا أم لا، انتهى.

                                                            (السابعة عشرة) يحتمل أن تكون هذه الصلاة تحية الكعبة ولا يقال قد حصلت التحية بالطواف الذي أتى به قبل دخولها فقد قال أصحابنا إن الطواف بالمسجد الحرام يقوم مقام التحية لأن الكعبة في حكم مسجد منفرد عما حولها وقد يقال ما كان في تلك المرة طاف قبل الدخول ولا صلى في المسجد فكانت تلك الركعتان هي تحية المسجد العام والله أعلم .



                                                            (الثامنة عشرة) فيه جواز الصلاة في الكعبة وهذه الصلاة وإن كانت نافلة فالفريضة في معناها لأن الأصل استواء الفرض والنفل في الأركان والشرائط إلا ما استثني بدليل وبهذا قال الشافعي والنووي وأبو حنيفة وأحمد والجمهور كما حكاه النووي وقال الترمذي [ ص: 140 ] والعمل عليه عند أكثر أهل العلم لا يرون بالصلاة في الكعبة بأسا وقال مالك بن أنس لا بأس بالصلاة النافلة في الكعبة وكره أن تصلى المكتوبة في الكعبة وقال الشافعي لا بأس أن تصلى المكتوبة والتطوع في الكعبة لأن حكم المكتوبة والنافلة في الطهارة والقبلة سواء انتهى.

                                                            وقال بجواز الصلاة مطلقا في الكعبة من المالكية أشهب وصححه منهم ابن العربي وابن عبد البر والمشهور من مذهب مالك جواز صلاة النافلة فيها والمنع من الفرض والسنن كالوتر وركعتي الفجر وركعتي الطواف وقيد ابن بطال عنه ذلك بالطواف الواجب وإطلاق الترمذي عن مالك تجويز النافلة تبعه عليه ابن العربي فيحتمل أنه مقيد بما حكيته ويحتمل أن الرواية عن مالك في ذلك مختلفة وقد حكى عن عطاء بن أبي رباح تجويز النفل فيها دون الفرض فإن كان يقول به على إطلاقه فهو مذهب (ثالث) في المسألة وفيها مذهب (رابع) وهو منع الصلاة فيها مطلقا حكاه القاضي عياض عن ابن عباس وهو أحد القولين عن مالك كما حكاه ابن العربي وقال به من أصحابه أصبغ وحكاه ابن بطال عن محمد بن جرير الطبري وقال به بعض الظاهرية وتمسك هؤلاء بأن الله تعالى أمر باستقباله والمصلي فيه مستدبر لبعضه وروى الأزرقي أن ابن عباس قال لسماك الحنفي ائتم به كله ولا تجعلن شيئا منه خلفك قال ابن عبد البر لا يصح في هذه المسألة إلا أحد قولين إما الصحة مطلقا أو الفساد مطلقا، والصواب عندي قول الصحة مطلقا ثم بسط ذلك قال ابن شاس في الجواهر وإذا فرعنا على المشهور أي عند المالكية في التفريق بين الفرض والنفل فصلى الفرض فيها فقال ابن حبيب يعيد أبدا في العمد والجهل وقال في الكتاب يعيد في الوقت وقال أصبغ تبطل وتجب الإعادة وإن ذهب الوقت لكنه ذكر ذلك في متعمد الصلاة فيها فقال بعض المتأخرين ظاهر قوله أنه لو كان ناسيا لأعاد في الوقت لأن الناسي للقبلة إنما يعيد في الوقت واستشهد بقوله في الكتاب يعيد في الوقت كمن صلى إلى غير القبلة قال وإنما يصح هذا التشبيه فيمن صلى إلى غير القبلة ناسيا، انتهى.

                                                            ويحصل منه (مذهب خامس) وهو أن التفريق بين الفرض والنفل إنما هو في الاستحباب [ ص: 141 ] فلو صلى الفرض فيها صح وارتكب خلاف الأولى وهو القائل بالإعادة في الوقت لأن ذلك عندهم لازم للاستحباب.

                                                            (ومذهب سادس) وهو التفريق في الفرض بين التعمد والنسيان فيصح مع النسيان دون التعمد وتردد الشيخ تقي الدين في شرح العمدة عن مالك فقال كره الفرض أو منعه وعلل تجويز النفل بأنه مظنة التخويف في الشروط.

                                                            (التاسعة عشرة) شرط أصحابنا في صحة الصلاة في الكعبة أن يستقبل جدارها أو بابها وهو مردود أو مفتوح بشرط كون عتبته قدر ثلثي ذراع تقريبا هذا هو الصحيح عند أصحابنا ولنا (وجه) أنه يشترط في العتبة أن تكون بقدر قامة المصلي طولا وعرضا (ووجه) أنه يكفي شخوصها بأي قدر كان وهذا الشرط مأخوذ من الحديث لأنه عليه الصلاة والسلام حين صلى فيها استقبل أحد جدرانها ومن لم يستقبل الجدار أو ما في معناه لم يستقبل القبلة وظاهر ما سنحكيه في الفائدة بعدها عن أبي حنيفة يقتضي الصحة مطلقا .



                                                            (الفائدة العشرون) قال أصحابنا الصلاة فوق ظهر الكعبة كالصلاة في نفس الكعبة فإن لم يكن بين يديه شاخص لم تصح الصلاة على الصحيح وإن كان شاخص من نفس الكعبة فله حكم العتبة إن كان ثلثي ذراع جاز وإلا فلا على الصحيح، وفيه الوجهان الآخران وأما المالكية فقال ابن شاس الصلاة فوق ظهرها منهي عنه وحمل القاضي أبو محمد النهي على ما إذا لم يقم بما يقصده وحمل النهي على الإطلاق رأي الجماعة، وقد حكى الإمام أبو عبد الله أن المشهور منع الصلاة على ظهر الكعبة وأن ذلك أشد من منع الصلاة داخلها وأن الإعادة تجب فيه أبدا، وحكى عن محمد بن عبد الحكم الإجزاء، وحكى عن أشهب الإجزاء إن كان بين يديه قطعة من سطحها وبنى الخلاف على أن المشروع استقبال بنائها أو هوائها انتهى..

                                                            وقال ابن عبد البر قال الشافعي من صلى على ظهرها فصلاته باطلة لأنه لم يستقبل منها شيئا وقال مالك من صلى على ظهرها مكتوبة أعاد في الوقت وروى عن بعض أصحابه يعيد أبدا وقال أبو حنيفة من صلى على ظهرها فلا شيء عليه انتهى ومقتضاه أن أبا حنيفة يقول بصحة الصلاة ولو لم يستقبل شيئا والله أعلم .



                                                            (الحادية والعشرون) ذكر المالكية أن الصلاة [ ص: 142 ] في الحجر كالصلاة في البيت وحينئذ فيفرق فيه عندهم بين الفرض والنفل وقد ثبت في الحديث الصحيح أنه عليه الصلاة والسلام أمر عائشة بالصلاة في الحجر وقال إنه من البيت .

                                                            (الثانية والعشرون) الذاهبون إلى التسوية بين الفرض والنفل في جواز فعله في الكعبة إنما يسوون بينهما في مطلق الإباحة لا في المرتبة والفضيلة فأشهب مع تجويزه الفرض يقول إن المستحب أن لا يفعله فيها وأصحابنا الشافعية يقولون إن النفل فيها أفضل منه خارجها، وكذا الفرض إن لم يرج جماعة فإن رجا فخارجها أفضل وحاصل كلامهم ترجيح الصلاة داخلها مطلقا إلا إن عارضه الجماعة فهي عندهم مرجحة في الفرض وقد يستدل بفعله عليه الصلاة والسلام النافلة فيها على استحبابه ويقاس به الفرض وأما كونه عليه الصلاة والسلام لم يفعل الفرض فيها فلمعارضة الجماعة فإنه لا يتأتى له عليه الصلاة والسلام الصلاة بالناس جميعهم فيها وتخصيص بعضهم بذلك فيه إيحاش والله أعلم .



                                                            (الثالثة والعشرون) قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة فيه دليل على جواز الصلاة بين الأساطين والأعمدة وإن كان يحتمل أن يكون صلى في الجهة التي بينهما وإن لم يكن في مسامتتها حقيقة وقد وردت في ذلك كراهة، فإن لم يصح سندها قدم هذا الحديث وعمل بحقيقة قوله بين العمودين وإن صح سندها أول بما ذكرناه أنه صلى في سمت ما بينهما وإن كانت آثار، قدم المسند عليها انتهى وفيه نظر فإن من كره الصلاة بين الأساطين إنما هو في صلاة الجماعة لأن الأساطين تقطع الصفوف فأما من صلى بينها منفردا أو في جماعة وكان الإمام هو الواقف بينها أو المأمومين ولم يكثروا بحيث تحول الأسطوانة بينهم فلا أعلم أحدا كرهه فلم تتوارد صورة الحديث مع صورة الكراهة على محل واحد وقد أشار لذلك البخاري بتبويبه على هذا الحديث (باب الصلاة بين السواري في غير جماعة).

                                                            (الرابعة والعشرون) المرمرة براء وميم مكررتين واحدة المرمر وهو نوع من الرخام صلب قاله في النهاية وأطلق الجوهري أنه الرخام وحكاه في المشارق عن الكسائي وأما قوله في رواية الدارقطني استقبل الجزعة فهي بفتح الجيم وإسكان الزاي واحدة الجزع وهو [ ص: 143 ] الخرز اليماني فيحتمل أنه يسمى المرمرة جزعة على طريق التشبيه ويحتمل أنه كان في ذلك الموضع مرمرة وجزعة فذكر الراوي كلا منهما في مرة والله أعلم .




                                                            الخدمات العلمية