الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها ، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم رواه مسلم .

                                                            [ ص: 250 ]

                                                            التالي السابق


                                                            [ ص: 250 ] الحديث الثاني وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها وأيما قرية عصت الله ورسوله فأن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم رواه مسلم . (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) أخرجه مسلم ، وأبو داود من هذا الوجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام .

                                                            (الثانية) قال القاضي عياض يحتمل أن يكون المراد بالأولى الفيء الذي لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب بل جلا عنه أهله أو صالحوا عليه فيكون غنيمة يخرج منه الخمس ، وباقيه للغانمين ، وهو معنى قوله ثم هي لكم أي باقيها .

                                                            (الثالثة) استدل به على أنه لا يجب الخمس في الفيء لأنه عليه الصلاة والسلام لم يذكر الخمس إلا في القرية العاصية التي لم تؤخذ الغنيمة منها إلا بإيجاف الخيل والركاب ، وقال في الأولى إن سهم المستولى عليها جار فيها من غير استثناء شيء ، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد ، والجمهور ، وذهب الشافعي إلى إيجاب الخمس في الفيء كما أجمعوا على إيجابه في الغنيمة .

                                                            وقال ابن المنذر لا نعلم أحدا قبل الشافعي قال بالخمس في الفيء ا هـ . والذي قاله الشافعي هو ظاهر القرآن في قوله تعالى ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فلفظ التنزيل في القسمين متحد فما وجه تفرقة الجمهور بينهما ، ثم إن الشافعي قال في الأخماس الأربعة أنها كانت في زمنه عليه الصلاة والسلام له مضمومة لماله من خمس الخمس فكان له أحد وعشرون سهما من خمسة وعشرين سهما .

                                                            وأما بعده ففيها ثلاثة أقوال (أظهرها) أنها للمرتزقة المرصدين للجهاد (والثاني) للمصالح كخمس الخمس (والثالث) أنها تقسم كما يقسم الخمس ، وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد [ ص: 251 ] جميع الفيء للمصالح ، وحكي عن أبي حنيفة أيضا أنه يقسم جميع الفيء على ثلاثة أسهم لليتامى والمساكين وابن السبيل ، كما يقوله في خمس الغنيمة ، وحكي عنه أيضا أن خمس الفيء والغنيمة يقسم على أربعة ، ثلاثة لهؤلاء ، وواحد للفقراء من ذوي القربى .



                                                            (الرابعة) استدل به على أن أرض العنوة حكمها حكم سائر الغنيمة لأن خمسها لأهل الخمس ، وأربعة أخماسها للغانمين .




                                                            الخدمات العلمية