الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                            صفحة جزء
                                                            باب تحريم الغلول عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرق سارق حين يسرق ، وهو مؤمن ، ولا يزني زان ، وهو حين يزني مؤمن ، ولا يشرب الشارب حين يشرب ، وهو مؤمن ، يعني الخمر ، والذي نفس محمد بيده لا ينتهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها ، وهو حين ينتهبها مؤمن ، ولا يغل أحدكم حين يغل ، وهو مؤمن فإياكم إياكم لم يذكر البخاري فيه الغلول ، وزاد في رواية والتوبة معروضة بعد وقال أبو بكر البزار في مسنده ينزع الإيمان من قلبه فإن تاب تاب الله عليه .

                                                            التالي السابق


                                                            باب تحريم الغلول عن همام عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرق سارق حين يسرق ، وهو مؤمن ، ولا يزني زان حين يزني ، وهو مؤمن ، ولا يشرب الشارب حين يشرب ، وهو مؤمن يعني الخمر ، والذي نفس محمد بيده لا ينتهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها ، وهو حين ينتهبها مؤمن ولا يغل أحدكم حين يغل ، وهو مؤمن ؛ فإياكم إياكم لم يذكر البخاري فيه الغلول . (فيه) فوائد :

                                                            (الأولى) تفرد به مسلم من هذا الوجه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن همام ، واتفق عليه الشيخان من طريق يونس عن الزهري عن سعيد ، وأبي أسامة كلاهما عن أبي هريرة بالجمل الثلاث الأول ، وفيه قال ابن شهاب فأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن أن أبا بكر كان يحدثهم هؤلاء عن أبي هريرة ثم يقول وكان أبو هريرة يلعق معهن ولا ينتهب نهبة ذات شرف يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها ، وهو مؤمن وأخرجه الشيخان ، والنسائي ، وابن ماجه من طريق عقيل عن الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بالجمل الأربع الأول ، وأخرجه الشيخان ، والنسائي من طريق الأعمش عن [ ص: 259 ] أبي صالح عن أبي هريرة بالجمل الثلاث الأول ، وفيه ، والتوبة معروضة بعد ، وأخرجه أبو بكر البزار في مسنده من طريق جابر الجعفي عن عكرمة عن ابن عباس ، وأبي هريرة ، وابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فإن تاب تاب الله عليه ، وحكى الشيخ رحمه الله في النسخة الكبرى من الأحكام أن في رواية البزار ينزع الإيمان من قلبه ، ولم أر هذه الجملة فيه من حديث أبي هريرة ، وسنذكرها من حديث أبي سعيد ، وغيره ، ورواه البزار أيضا من طريق السدي ، وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة عن أبيه عن أبي هريرة ، وفيه الإيمان أكرم على الله من ذلك ، وروى البزار ، والطبراني في الأوسط هذا المتن من حديث أبي سعيد الخدري ، وفيه قلنا يا رسول الله كيف يكون ذلك قال يخرج الإيمان منه فإن تاب رجع إليه ، وروى أبو داود في سننه من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة مرفوعا إذا زنى المؤمن خرج منه الإيمان فكان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان وإسناده جيد ، وروى الطبراني في المعجم الكبير بإسناد فيه جهالة عن شريك عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من زنى خرج منه الإيمان فإن تاب تاب الله عليه ، وقال ابن حزم هو نقل تواتر يوجب صحة العلم .

                                                            (الثانية) قال النووي في شرح مسلم اختلف العلماء في معناه فالصحيح الذي قاله المحققون أن معناه لا يفعل هذه [ ص: 260 ] المعاصي وهو كامل الإيمان ، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشيء ، ويراد نفي كماله ومختاره كما يقال لا علم إلا ما نفع ، ولا مال إلا الإبل ، ولا عيش إلا عيش الآخرة ، وإنما تأولناه على ما ذكرناه : لحديث أبي ذر ، وغيره من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنا وإن سرق وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يعصوا إلى آخره ثم قال لهم صلى الله عليه وسلم فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب في الدنيا فهو كفارة ، ومن فعل ولم يعاقب فهو إلى الله إن شاء عفا عنه ، وإن شاء عذبه فهذان الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله عز وجل إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء مع إجماع أهل الحق على أن الزاني ، والسارق ، والقاتل ، وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك لا يكفرون بذلك بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان إن تابوا سقطت عقوبتهم ، وإن ماتوا مصرين على الكبائر كانوا في المشيئة فإن شاء الله عفا عنهم ، وأدخلهم الجنة أولا ، وإن شاء عذبهم ، وأدخلهم الجنة قال : وكل هذه الدلائل تضطرنا إلى تأويل هذا الحديث وشبهه ثم إن هذا التأويل ظاهر سائغ في اللغة مستعمل فيها كثيرا ، وإذا ورد حديثان مختلفان ظاهرا وجب الجمع بينهما ، وتأول بعض العلماء هذا الحديث على من فعل ذلك مستحلا مع علمه بورود الشرع بتحريمه .

                                                            وقال الحسن ومحمد بن جرير الطبري معناه ينزع منه اسم المدح الذي يسمى به أولياء الله المؤمنين ، ويستحق اسم الذم فيقال سارق وزان وفاجر وفاسق ، وحكي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن معناه ينزع منه نور الإيمان ، وفيه حديث مرفوع .

                                                            وقال المهلب ينزع منه بصيرته في طاعة الله تعالى ، وذهب الزهري إلى أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمن بها ، وتمر على ما جاءت ، ولا يخاض في معناها فإنا لا نعلم معناها ، وقال : أمرها كما أمرها من قبلكم ، وقيل ، وفي معنى الحديث غير ما ذكرته مما ليس بظاهر بل بعضها غلط فتركتها ، وهذه الأقوال التي ذكرتها في تأويله كلها محتملة ، والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولا ، والله أعلم انتهى .

                                                            ويوافق التأويل الذي صححه ما رواه البزار في مسنده عن أبي جعفر محمد بن علي رحمه الله أنه سئل عن ذلك [ ص: 261 ] فأدار دارة واسعة في الأرض ثم أدار في وسط الدارة دارة فقال الدارة الأولى الإسلام ، والدارة التي في وسط الدارة الأولى الإيمان فإذا زنا خرج من الإيمان إلى الإسلام ، ولا يخرجه من الإسلام إلا الشرك ، وقرر ابن حزم هذا القول بتقرير حسن ، وهو أن مذهب أهل الحق أن الإيمان اعتقاد بالقلب ونطق باللسان ، وعمل جميع الطاعات فرضها ونفلها ، واجتناب المحرمات فالمرتكب لبعض هذه الأمور لم يختل اعتقاده ولا نطقه ، وإنما اختلت طاعته فالإيمان المنفي عنه هو الطاعة هذا معنى كلامه .

                                                            وقال الخطابي في أعلام الجامع الصحيح وقد يكون المراد به الإنذار بزوال الإيمان إذا اعتادها ، واستمر عليها كقوله من يرتع حول الحمى يوشك أن يقع فيه ، وكان بعضهم يرويه لا يشرب الخمر بكسر الباء على معنى النهي يقول إذا كان مؤمنا فلا يفعل هكذا انتهى ، وروى الطبراني في معجمه الصغير عن علقمة بن قيس أن عليا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث ، فقام رجل فقال يا أمير المؤمنين من زنى فقد كفر فقال علي : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نبهم أحاديث الرخص لا يزني الزاني ، وهو مؤمن أن ذلك الزنا حلال له فإن آمن به أنه له حلال فقد كفر ولا يسرق وهو مؤمن بتلك السرقة أنها له حلال فإن آمن بها أنها له حلال فقد كفر ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن أنها له حلال فإن شربها وهو مؤمن أنها له حلال فقد كفر ، ولا ينتهب نهبة ذات شرف حين ينتهبها ، وهو مؤمن أنها له حلال فإن انتهبها ، وهو مؤمن أنها له حلال فقد كفر لكن في إسناده إسماعيل بن يحيى التيمي ، وهو منسوب إلى الكذب ، وقال ابن حزم في المحلى ذكر معمر هذا الحديث عن الزهري وقتادة ، وعن رجل عن عكرمة عن أبي هريرة ، وعن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا نهي ، يقول حين هو مؤمن فلا يفعلن ، لا يسرق ، ولا يزني ، ولا يقتل .

                                                            (الثالثة) قال القاضي عياض أشار بعض العلماء إلى أن ما في هذا الحديث تنبيه على جميع أنواع المعاصي والتحذير منها فنبه بالزنى على جميع الشهوات ، وبالسرقة على الرغبة في الدنيا ، والحرص على الحرام ، وبالخمر على جميع ما يصد عن الله تعالى ، ويوجب الغفلة عن حقوقه وبالانتهاب الموصوف على الاستخفاف [ ص: 262 ] بعباد الله وترك توقيرهم ، والحياء منهم ، وجمع الدنيا من غير وجهها ، والله أعلم .

                                                            (قلت) وقد يقال لا يلزم من ثبوت الوعيد في هذه الكبائر ثبوته فيما هو من جنسها من المعاصي التي لا تبلغ مفسدته مفسدتها لا سيما ما كان منها صغيرة لم يصر عليه فاعله فإنه مكفر باجتناب الكبائر ، وبفعل الطاعات من الصلوات الخمس وغيرها ، والله أعلم .

                                                            (الرابعة) قيد النبي صلى الله عليه وسلم نفي الإيمان عن مرتكب بعض هذه الأمور بحالة الارتكاب لها فدل ذلك على أنه لا يستمر بعد فراغه من مباشرة الفعل فيحتمل أن يؤخذ بظاهر هذا التقييد ، ويحتمل أن يقال إن زوال ذلك إنما هو إذا تاب أما إذا كان مصرا فهو كالمرتكب فصحة نفي الإيمان عنه مستمرة ، وقد يدل لذلك قوله في بقية الحديث والتوبة معروضة بعد والأول أظهر ، ويوافقه ما ذكره ابن حزم عن نافع عن جبير بن مطعم أنه قال لا يزني وهو مؤمن حين يزني فإذا زايله رجع إليه الأيمان ليس إذا تاب منه ، ولكن المراد إذا أخر عن العمل به قال الراوي عنه ، وحسبته أنه ذكر ذلك عن ابن عباس ، ولعل السبب في اختصاص ذلك بحالة الفعل أنه في تلك الحالة كالكافر في جواز قتاله لدفعه عن تلك المعصية ، وقد بان لنا من هذا معنى حسن في حكمة نفي الإيمان عنه ، وهو تشبيهه بغير المؤمن في جواز قتاله في تلك الحالة لينكف عن المعصية ، ولو أدى إلى قتله ، وإن قتل في هذه الحالة فهو هدر فانتفت فائدة الإيمان في حقه بالنسبة إلى جواز قتاله ، وإهدار دمه ، وزوال عصمته ما دام على تلك الحالة ، والله أعلم .



                                                            (الخامسة) النهبة بضم النون المنهوب ، وقوله ذات شرف بالشين المعجمة كذا نقله القاضي عياض عن رواية الصحيحين .

                                                            وقال النووي إنه كذلك في الرواية المعروفة والأصول المشهورة المتداولة قال : ومعناه ذات قدر عظيم ، وقيل ذات استشراف يستشرف الناس لها ناظرين إليها رافعين أبصارهم قال القاضي عياض وغيره ، ورواه إبراهيم الحربي بالسين المهملة ، وكذا قيده بعضهم في كتاب مسلم ، وقيل معناه أيضا ذات قدر عظيم فالروايتان حينئذ بمعنى واحد .

                                                            (السادسة) أطلق في الحديث ذكر السرقة ، وقيد النهبة بأن تكون ذات شرف يرفع إليه المؤمنون أعينهم فيها ، وذلك يدل على أن السرقة [ ص: 263 ] أشد من الغصب ، ويوافق هذا كلام أبي سعيد الهروي من أصحابنا فإنه شرط في كون الغصب من الكبائر كون المغصوب نصابا ، ولم يشترط ذلك في السرقة ، وقد يقال إنما سكت هو وغيره عن ذلك في السرقة لأن المتبادر إلى الفهم من إطلاقها كون المسروق نصابا فإنه الموجب للقطع فإذا أطلق حمل على ذلك كما كان إطلاق الآية الكريمة في قوله تعالى والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما محمولا على ذلك ويستوي حينئذ البابان ، وفي هذا الحديث تعظيم شأن الغصب على غيره بكونه صلى الله عليه وسلم أقسم على ذلك ، والقسم يدل على التأكيد .

                                                            (السابعة) ظاهر إطلاقه أنه لا فرق في الزاني بين أن يكون محصنا أم لا ، ولا في شرب الخمر بين أن يكون المشروب كثيرا أو قليلا ، وهو كذلك ، وقد صرح أصحابنا بأن شرب قليل الخمر من الكبائر .



                                                            (الثامنة) قال ابن المنذر فسر الحسن والنخعي هذا الحديث فقالا النهبة المحرمة أن ينتهب مال الرجل بغير إذنه ، وهو له كاره ، وهو قول قتادة قال أبو عبيد ، وهذا وجه الحديث على ما فسره النخعي والحسن ، وأما النهبة المكروهة فهو ما أذن فيه صاحبه للجماعة ، وأباحه لهم ، وغرضه تساويهم فيه أو مقاربة التساوي فإذا كان القوي منهم يغلب الضعيف ، ويحرمه فلم تطب نفس صاحبه بذلك الفعل ، واختلف العلماء فيما ينثر على رءوس الصبيان وفي الأعراس فيكون فيه النهبة فكرهه مالك والشافعي ، وأجازه الكوفيون قال ابن المنذر ، ولا يخرج بذلك شهادة أحد وإنما أكرهه لأن من أخذه إنما أخذه بفضل قوة وقلة حياء ، ولا يقصد به هو وحده إنما قصد به الجماعة ، ولا يعرف حظه من حظ غيره فهو خلسة وسخف ، واحتج الكوفيون بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نحر الهدي قال دونكم فانتهبوا قال ابن المنذر ، وهذا الحديث حجة في إجازة أخذ ما ينثر في الملاك وغيره ، وأبيح أخذه لأن المبيح لهم ذلك قد علم اختلاف قوتهم في الأخذ ، وليس في البدن التي أباحها النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه معنى إلا وهو موجود في النثار انتهى .



                                                            (التاسعة) ولا يغل أحدكم بفتح الياء وضم الغين كذا الرواية واقتصر عليه النووي في شرح مسلم لكن فيه لغة أخرى يغل بضم [ ص: 264 ] الياء وكسر الغين حكاها في الصحاح ، والمحكم ، والمشارق ، وغيرها ثم حكى في الصحاح عن ابن السكيت أنه قال لم يسمع في المغنم إلا غل غلولا ، وقد أطلق في المحكم أن الغلول الخيانة ثم قال : وخص بعضهم به الخون في الفيء ، وقال في الصحاح غل من المغنم غلولا أي خان ، وأغل مثله ثم قال قال أبو عبيد الغلول من المغنم خاصة ، ولا نراه من الخيانة ، ولا من الحقد ، ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة أغل يغل ، ومن الحقد غل يغل بالكسر ، ومن الغلول غل يغل بالضم ، وقال في المشارق كل خيانة غلول لكنه صار في عرف الشرع لخيانة المغانم خاصة ، وقال في النهاية هو الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة ، وكل من خان في شيء خفية فقد غل ، وسميت غلولا لأن الأيدي فيها مغلولة أي ممنوعة مجعول فيها غل ، وهو الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه ، ويقال لها جامعة أيضا انتهى فإن كان الغلول مطلق الخيانة فهو أعم من السرقة ، وإن كان من المغنم خاصة فبينه ، وبينها عموم ، وخصوص من ، وجه .

                                                            (العاشرة) قوله فإياكم إياكم كذا هو في روايتنا هنا ، وفي صحيح مسلم مرتين ، ومعناه احذروا احذروا ، والتكرير للتأكيد يقال إياك وفلانا أي احذره ، ويقال إياك أي احذر من غير ذكر فلان كما هنا (الحادية عشرة) قوله والتوبة معروضة بعد أي بعد مواقعته للذنب فلما قطعه عن الإضافة بناه على الضم ، والمراد بكونها معروضة أن الله عرضها على العباد فأمرهم بها ووعد قبولها ، وأجمع العلماء على قبول توبة العبد ما لم يغرغر ، ولها ثلاثة أركان الإقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم على أن لا يعود إليها ، وأهمل أصحابنا ركنا رابعا ، وهو النية والإخلاص فيها كغيرها من العبادات قال أصحابنا وغيرهم فإن تاب من ذنب ثم عاد إليه لم تبطل توبته ، وإن تاب من ذنب ، وهو متلبس بآخر صحت توبته هذا مذهب أهل الحق ، وخالفت المعتزلة في المسألتين .

                                                            (الثانية عشرة) المراد بنزع الإيمان من قلبه خروجه من كمال الإيمان لا أصله فهذه الرواية المحكية عن مسند البزار في احتياجها إلى التأويل كالرواية المشهورة .




                                                            الخدمات العلمية