الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

35 . وما تزيد فاحكمن بصحته فهو مع العلو من فائدته      36 . والأصل يعني البيهقي ومن عزا
وليت إذ زاد الحميدي ميزا

التالي السابق


أي : وما تزيد المستخرجات ، أو ما يزيد المستخرج على الصحيح من ألفاظ زائدة عليه من تتمة لمحذوف ، أو زيادة شرح في حديث ، أو نحو ذلك ، فاحكم بصحته; لأنها خارجة من مخرج الصحيح .

[ ص: 123 ] وقوله : ( فهو مع العلو من فائدته ) ، هذا بيان لفائدة المستخرج . فمنها : زيادة الألفاظ المذكورة; لأنها ربما دلت على زيادة حكم . ومنها : علو الإسناد; لأن مصنف المستخرج لو روى حديثا مثلا من طريق مسلم ، لوقع أنزل من الطريق الذي رواه به في المستخرج . مثاله : حديث في مسند أبي داود الطيالسي ، فلو رواه أبو نعيم مثلا من طريق مسلم ، لكان بينه وبين أبي داود أربعة رجال ، شيخان بينه وبين مسلم ، ومسلم وشيخه . وإذا رواه من غير طريق مسلم ، كان بين أبي نعيم ، وبين أبي داود رجلان فقط . فإن أبا نعيم سمع مسند أبي داود على ابن فارس بسماعه من يونس بن حبيب بسماعه منه ، ولم يذكر ابن الصلاح للمستخرج ، إلا هاتين الفائدتين . وأشرت إلى غيرهما بقولي : (من فائدته) . فمن فوائده أيضا : القوة بكثرة الطرق للترجيح عند المعارضة .

وقوله : ( والأصل يعني البيهقي ومن عزا ) ، كأنه قيل : فهذا البيهقي في السنن الكبرى ، والمعرفة ، وغيرهما . والبغوي في شرح السنة ، وغير واحد يروون الحديث بأسانيدهم ، ثم يعزونه إلى البخاري ، أو مسلم ، مع اختلاف الألفاظ ، أو المعاني ؟ والجواب : إن البيهقي وغيره ممن عزا الحديث لواحد من [ ص: 124 ] الصحيحين ، إنما يريدون أصل الحديث ، لا عزو ألفاظه ، (فالأصل) : مفعول مقدم .

وقوله : ( وليت إذ زاد الحميدي ميزا ) ، أي : إن أبا عبد الله الحميدي زاد في كتاب الجمع بين الصحيحين ألفاظا ، وتتمات ليست في واحد منهما من غير تمييز . قال ابن الصلاح : "وذاك موجود فيه كثيرا ، فربما نقل من لا يميز بعض ما يجده فيه عن الصحيح ، وهو مخطئ; لكونه زيادة ليست في الصحيح" . انتهى .

فهذا مما أنكر على الحميدي ; لأنه جمع بين كتابين ، فمن أين تأتي الزيادة ؟ [ ص: 125 ] وأما الجمع بين الصحيحين لعبد الحق ، وكذلك مختصرات البخاري ومسلم ، فلك أن تنقل منها ، وتعزو ذاك للصحيح ولو باللفظ; لأنهم أتوا بألفاظ الصحيح .

واعلم أن الزيادات التي تقع في كتاب الحميدي ليس لها حكم الصحيح ، خلاف ما اقتضاه كلام ابن الصلاح ; لأنه ما رواها بسنده كالمستخرج ، ولا ذكر أنه يزيد ألفاظا ، واشترط فيها الصحة حتى يقلد في ذلك ، فهذا هو الصواب .




الخدمات العلمية