الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

54 . وقال بان لي بإمعان النظر أن له قسمين كل قد ذكر      55 . قسما ، وزاد كونه ما عللا
ولا بنكر أو شذوذ شملا

[ ص: 155 ]

التالي السابق


[ ص: 155 ] أي : وقال ابن الصلاح : وقد أمعنت النظر في ذلك ، والبحث ، جامعا بين أطراف كلامهم ، ملاحظا مواقع استعمالهم ، فتنقح لي واتضح أن الحديث الحسن قسمان :

أحدهما : الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته ، غير أنه ليس مغفلا ، كثير الخطأ فيما يرويه ، ولا هو متهم بالكذب في الحديث ، أي : لم يظهر منه تعمد الكذب في الحديث ، ولا سبب آخر مفسق ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف ، بأن روي مثله أو نحوه من وجه آخر ، أو أكثر ، حتى اعتضد بمتابعة من تابع راويه على مثله ، أو بما له من شاهد ، وهو ورود حديث آخر نحوه ، فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ، أو منكرا . وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزل .

القسم الثاني : أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة ، غير أنه لا يبلغ درجة رجال الصحيح; لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان ، وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكرا . قال : ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذا ، أو منكرا سلامته من أن يكون معللا . وعلى القسم الثاني يتنزل كلام الخطابي . قال : فهذا الذي ذكرناه جامع لما تفرق في كلام من بلغنا كلامه في ذلك . قال : وكأن الترمذي ذكر أحد نوعي الحسن ، وذكر الخطابي النوع الآخر ، مقتصرا كل واحد منهما على ما رأى أنه مشكل ، معرضا عما رأى أنه [ ص: 156 ] لا يشكل أو أنه غفل عن البعض وذهل . وقوله : ( كل قد ذكر ) ، أي : كل واحد من الترمذي ، والخطابي . وقوله : ( وزاد ) ، أي : ابن الصلاح .

والإمعان مصدر أمعن . من قول الفقهاء في التيمم : أمعن في الطلب . وكأنه مأخوذ من الإبعاد في العدو . ففي التهذيب عن الليث بن المظفر : أمعن الفرس وغيره ، إذا تباعد في عدوه . وفي الصحاح : أمعن الفرس : تباعد في عدوه . ويحتمل أنه من أمعن الماء إذا أجراه . ويحتمل غير ذلك . وقد بينته في الشرح الكبير .




الخدمات العلمية