الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 118 ] ذكر الخبر الدال على أن

                                                                                                                          المتصدقين في الدنيا هم الأفضلون في العقبى

                                                                                                                          3326 - أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال : أخبرنا جرير ، وعيسى بن يونس ، قالا : حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب ، قال : أشهد بالله لسمعت أبا ذر بالربذة ، يقول : كنت أمشي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحرة المدينة ممسيا ، فاستقبلنا أحد ، فقال : يا أبا ذر ما أحب أن لي أحدا ذهبا أمسي ثالثة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين ، إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وهكذا - يعني من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه ، وعن شماله ، ثم قال : يا أبا ذر إن المكثرين هم الأقلون يوم القيامة ، ثم قال لي : لا تبرح حتى آتيك ، فانطلق ، ثم جاء في سواد الليل ، فسمعت صوتا ، فخشيت أن يكون ضرار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فهممت أن أنطلق ، ثم ذكرت قوله ، فجلست حتى جاء ، فقلت له : إني أردت أن آتيك يا رسول الله ، ثم ذكرت قولك لي ، وسمعت صوتا ، قال : ذاك جبريل جاءني ، فأخبرني أن من مات [ ص: 119 ] من أمتي لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، فقلت : وإن زنى ، وإن سرق ، فقال : وإن زنى ، وإن سرق .

                                                                                                                          قال جرير : قال الأعمش عن أبي صالح عن أبي الدرداء ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مثل ذلك .

                                                                                                                          قال أبو حاتم رضي الله عنه : أضمر في هذا الخبر شرطان : أحدهما أن من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة إن تفضل الله جل وعلا عليه بالعفو عن جناياته التي له في دار الدنيا ، لأن المرء لا يخلو من ارتكاب بعض ما حظر عليه في الدنيا ، أضمر في الخبر هذا الشرط.

                                                                                                                          والشرط الثاني : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، يريد بعد تعذيبه إياه في النار - نعوذ بالله منها - إن لم يتفضل عليه [ ص: 120 ] بالعفو قبل ذلك ، لئلا يبقى في النار مع من أشرك به في الدنيا.

                                                                                                                          فهذان الشرطان مضمران في هذا الخبر ، لا أن كل من مات ولا يشرك بالله شيئا دخل الجنة لا محالة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية