الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ذكر الأمر بتحميد الله جل وعلا عند الفراغ من الطعام على ما أسبغ وأفضل وأنعم

                                                                                                                          5216 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي بخبر غريب قال : أخبرنا علي بن خشرم قال : أخبرنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن كيسان قال : حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال : خرج أبو بكر بالهاجرة إلى المسجد ، فسمع بذلك عمر ، فقال : يا أبا بكر ، ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال : ما أخرجني إلا ما أجد من حاق الجوع ، قال : وأنا والله ما أخرجني غيره ، فبينما هما كذلك إذ خرج عليهما النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : ما أخرجكما هذه الساعة ؟ قالا : والله ما أخرجنا إلا ما نجد في بطوننا من حاق الجوع ، قال : وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره ، فقوما فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري ، وكان أبو أيوب يدخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما أو لبنا ، فأبطأ عنه يومئذ ، فلم يأت لحينه ، فأطعمه لأهله وانطلق إلى نخله يعمل فيه ، فلما انتهوا إلى الباب خرجت امرأته ، فقالت : مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه ، [ ص: 17 ] فقال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم : فأين أبو أيوب ؟ فسمعه وهو يعمل في نخل له ، فجاء يشتد ، فقال : مرحبا بنبي الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه ، يا نبي الله ليس بالحين الذي كنت تجيء فيه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : صدقت ، قال : فانطلق فقطع عذقا من النخل فيه من كل التمر والرطب والبسر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما أردت إلى هذا ، ألا جنيت لنا من تمره ، فقال : يا نبي الله أحببت أن تأكل من تمره ورطبه وبسره ، ولأذبحن لك مع هذا ، قال : إن ذبحت فلا تذبحن ذات در ، فأخذ عناقا أو جديا فذبحه ، وقال لامرأته : اخبزي واعجني لنا ، وأنت أعلم بالخبز ، فأخذ الجدي فطبخه وشوى نصفه ، فلما أدرك الطعام ، وضع بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فأخذ من الجدي فجعله في رغيف ، فقال : يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة ، فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام ، فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة ، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم : خبز ولحم [ ص: 18 ] وتمر وبسر ورطب ، ودمعت عيناه ، والذي نفسي بيده ، إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه ، قال الله جل وعلا : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ، فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة ، فكبر ذلك على أصحابه ، فقال : بل إذا أصبتم مثل هذا ، فضربتم بأيديكم ، فقولوا : بسم الله ، وإذا شبعتم فقولوا : الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا وأفضل ، فإن هذا كفاف بها . فلما نهض قال لأبي أيوب : ائتنا غدا ، وكان لا يأتي إليه أحد معروفا إلا أحب أن يجازيه قال : وإن أبا أيوب لم يسمع ذلك ، فقال عمر : إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرك أن تأتيه غدا ، فأتاه من الغد ، فأعطاه وليدته ، فقال : يا أبا أيوب استوص بها خيرا ، فإنا لم نر إلا خيرا ما دامت عندنا ، فلما جاء بها أبو أيوب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لا أجد لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا من أن أعتقها ، فأعتقها .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية