الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 55 ] [ ص: 56 ] [ ص: 57 ] ذكر الإخبار عن وصف موت أبي ذر

                                                                                                                          الغفاري
                                                                                                                          رحمة الله عليه

                                                                                                                          6670 - أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدثنا يحيى بن سليم قال : حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر ، قالت : لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندي ثوب يسعك كفنا ، قال : فلا تبكي وأبشري ؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض ، يشهده عصابة من المؤمنين ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية جماعة ، وأنا الذي أموت بفلاة ، والله [ ص: 58 ] ما كذبت ولا كذبت ، فأبصري الطريق ، قالت : وأنى وقد ذهب الحاج وانقطعت الطرق ، قال : اذهبي فتبصري ، قالت : فكنت أجيء إلى كثيب ، فأتبصر ، ثم أرجع إليه فأمرضه ، فبينما أنا كذلك إذا أنا برجال على رحالهم ، كأنهم الرخم ، فأقبلوا حتى وقفوا علي ، وقالوا : ما لك أمة الله ؟ قلت لهم : امرؤ من المسلمين يموت ، تكفنونه ؟ قالوا : من هو ؟ فقلت : أبو ذر ، قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، قالت : ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه ، فدخلوا عليه ، فرحب بهم ، وقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض ، يشهده عصابة من المؤمنين .

                                                                                                                          وليس من أولئك النفر أحد إلا هلك في قرية وجماعة ، وأنا الذي أموت بفلاة أنتم تسمعون إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي ، لم أكفن إلا في ثوب لي أو لها ، أنتم تسمعون إني أشهدكم أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا ، فليس أحد من القوم إلا قارف بعض ذلك إلا فتى من الأنصار ، فقال : يا عم ، أنا أكفنك لم أصب مما ذكرت شيئا ، [ ص: 59 ] أكفنك في ردائي هذا ، وفي ثوبين في عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي ، فكفنه الأنصاري في النفر الذين شهدوه ، منهم حجر بن الأدبر ، ومالك بن الأشتر في نفر كلهم يمان
                                                                                                                          .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية