الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          7124 - أخبرنا أبو يزيد خالد بن النضر بن عمرو القرشي بالبصرة قال : حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا عبد الله بن رجاء قال : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي قرة الكندي عن سلمان قال : كان أبي من أبناء الأساورة ، وكنت أختلف إلى الكتاب ، وكان معي غلامان إذا رجعا من الكتاب دخلا على قس ، فدخلت معهما ، فقال لهما : ألم أنهكما أن تأتياني بأحد ؟ ! قال : فكنت أختلف إليه حتى كنت أحب إليه منهما ، فقال لي : يا سلمان ، إذا سألك أهلك من حبسك ، فقل : معلمي ، وإذا سألك معلمك من حبسك ؟ فقل : أهلي ، وقال لي : يا سلمان ، إني أريد أن أتحول ، قال : قلت : أنا معك ، قال : فتحول فأتى قرية فنزلها ، وكانت امرأة تختلف إليه ، فلما حضر قال : يا سلمان احتفر قال : فاحتفرت فاستخرجت جرة من دراهم قال : صبها على صدري فصببتها ، فجعل يضرب بيده على صدري ، ويقول : ويل للقس ، [ ص: 65 ] فمات فنفخت في بوقهم ذلك ، فاجتمع القسيسون والرهبان ، فحضروه ، وقال : وهممت بالمال أن أحتمله ، ثم إن الله صرفني عنه ، فلما اجتمع القسيسون والرهبان ، قلت : إنه قد ترك مالا ، فوثب شباب من أهل القرية ، وقالوا : هذا مال أبينا كانت سريته تأتيه ، فأخذوه ، فلما دفن ، قلت : يا معشر القسيسين ، دلوني على عالم أكون معه ، قالوا : ما نعلم في الأرض أعلم من رجل كان يأتي بيت المقدس ، وإن انطلقت الآن وجدت حماره على باب بيت المقدس ، فانطلقت ، فإذا أنا بحمار ، فجلست عنده حتى خرج ، فقصصت عليه القصة ، فقال : اجلس حتى أرجع إليك ، قال : فلم أره إلى الحول ، وكان لا يأتي بيت المقدس إلا في كل سنة في ذلك الشهر ، فلما جاء ، قلت : ما صنعت في ؟ قال : وإنك لهاهنا بعد ؟ قلت : نعم ، قال : لا أعلم في الأرض أحدا أعلم من يتيم خرج في أرض تهامة ، وإن تنطلق الآن توافقه ، وفيه ثلاث : يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ، وعند غضروف كتفه اليمنى خاتم نبوة مثل بيضة لونها لون جلده ، وإن انطلقت الآن وافقته ، فانطلقت ترفعني أرض وتخفضني أخرى حتى أصابني قوم من الأعراب فاستعبدوني ، فباعوني حتى وقعت إلى المدينة ، فسمعتهم يذكرون النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان العيش عزيزا ، فسألت أهلي أن يهبوا لي يوما ففعلوا ، فانطلقت فاحتطبت ، فبعته بشيء يسير ، ثم جئت به فوضعته بين يديه ، فقال صلى الله عليه وسلم : ما هو ؟ فقلت : صدقة ، فقال لأصحابه : كلوا ، وأبى [ ص: 66 ] أن يأكل ، قلت : هذه واحدة ، ثم مكثت ما شاء الله ، ثم استوهبت أهلي يوما ، فوهبوا لي يوما ، فانطلقت فاحتطبت ، فبعته بأفضل من ذلك ، فصنعت طعاما فأتيته فوضعته بين يديه ، فقال : ما هذا ؟ قلت : هدية ، فقال بيده : باسم الله خذوا ، فأكل وأكلوا معه ، وقمت إلى خلفه فوضع رداءه ، فإذا خاتم النبوة كأنه بيضة ، قلت : أشهد أنك رسول الله قال : وما ذاك ؟ قال : فحدثته ، فقلت : يا رسول الله ، القس هل يدخل الجنة ؟ فإنه زعم أنك نبي ؟ قال : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة ، قلت : يا رسول الله ، أخبرني أنك نبي ، قال : لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية