الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
2265 - أخبرنا زاهر بن أحمد بن حامد الثقفي - بأصبهان - أن سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي أخبرهم ، أبنا عبد الواحد بن أحمد [ ص: 248 ] البقال ، أبنا عبيد الله بن يعقوب بن إسحاق ، أبنا جدي إسحاق بن إبراهيم ، أبنا أحمد بن منيع ، ثنا روح ، ثنا أخضر بن عجلان التميمي : أنه سمع شيخا من بني حنيفة يقال له أبو بكر ، يحدث عن أنس بن مالك : أن رجلا من الأنصار أصابه وأهل بيته فقر ، فدخل عليهم فوجدهم مصرعين من الجهد والجوع ، فقال : ما بكم ؟ قالوا : الجوع ، أغثنا بشيء ، فانطلق الأنصاري حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، أتيتك من عند أهل بيت ما أراني أرجع إليهم حتى يهلكوا أو يهلك بعضهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يهلكم ؟ قال : الجوع ، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : أما عندك شيء ؟ قال : ما عندي ، قال : فاذهب فأت بما كان عندك من شيء ، فرجع الأنصاري ، فلم يجد إلا حلسا وقدحا ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : هذا الحلس والقدح كل شيء كان عندنا ، أما الحلس فكانوا يفترشون طائفة منه ويلبسون طائفة ، وأما القدح فكانوا يشربون منه ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يشتري منه هذا الحلس والقدح ؟ فقال رجل : أنا آخذهما بدرهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يزيد على درهم ؟ قال أنس : فسكت القوم ، فقال : من يزيد على درهم ؟ فقال رجل : أنا آخذهما باثنين ، فقال : هما لك ، فأعطاهما ، فقال : اذهب فاشتر بأحدهما طعاما فانبذه إليهم ، واشتر بأحدهما فأسا ، ثم ائتني به ، ففعل ذلك ، فأخذها نبي الله صلى الله عليه وسلم بيده فقال : هل عندك نصاب أثبتها ؟ فقال : لا والله ، ما هو عندي ، فقال بعض القوم : بأبي وأمي ، عندي نصاب عسى يوافقه ، فقال : ائت بها إن شئت ، فأتى بها ، فأخذ نبي الله صلى الله عليه وسلم الفأس فأثبتها في النصاب ، ثم دفعها إلى الأنصاري ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذهب بهذه [ ص: 249 ] الفأس فاحطب ما وجدت من شوك أو حطب ، ثم احتزم حزمتك ، فأت بها السوق ، فبعها بما قضى الله لك ، ثم لا تأتني ولا أراك خمس عشرة ليلة ، فجعل الرجل كل يوم يغدو فيحتطب ثم يجيء بحطبه إلى السوق فيبيعه بثلثي درهم ، حتى أتت عليه خمس عشرة ليلة ، فأصاب فيها عشرة دراهم ، ثم أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا نبي الله ، قد جعل الله لي في الذي أمرتني بركة ، قد أصبت في خمس عشرة ليلة عشرة دراهم ، فابتعت بخمسة دراهم للعيال طعاما ، وابتعت لهم كسوة بخمسة دراهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا خير لك من أن تأتي يوم القيامة وفي وجهك نكت المسألة ، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة : لذي دم موجع ، أو غرم مفظع ، أو فقر مدقع .

التالي السابق


الخدمات العلمية