الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1059 (81) باب

                                                                                              فضل انتظار الصلاة في المسجد

                                                                                              [ 548 ] عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة ، وذلك أن أحدهم إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة لا يريد إلا الصلاة ، فلم يخط خطوة إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة ، حتى يدخل المسجد ، فإذا دخل المسجد كان في الصلاة ما كانت الصلاة هي تحبسه ، والملائكة يصلون على أحدكم ما دام في مجلسه الذي صلى فيه ، يقولون : اللهم ارحمه ، اللهم اغفر له ، اللهم تب عليه - ما لم يؤذ فيه ، ما لم يحدث فيه .

                                                                                              قيل لأبي هريرة : ما يحدث ؟ قال : يفسو ويضرط .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 252 و 475)، والبخاري (647)، ومسلم (649) في المساجد (272)، وأبو داود (559)، والترمذي (603)، وابن ماجه (876) .

                                                                                              [ ص: 289 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 289 ] (81) ومن باب : فضل انتظار الصلاة

                                                                                              قوله " لا ينهزه إلا الصلاة " ; أي لا يحركه إلا إرادة الصلاة ، ومنه : انتهز الفرصة ; أي : تحرك إليها وحصلها .

                                                                                              وقوله “ ما لم يحدث فيه " قد فسره أبو هريرة بما ذكر في الأصل ، وهو منه تمسك بالعرف الشرعي ، وقد فسره غيره بأنه الحدث الذي يصرفه عن إحضار فضل انتظار الصلاة ، ويحمله على الإعراض عن ذلك ، سواء كان مسوغا أو غير مسوغ ، وهو تمسك بأصل اللغة ، حمله بعضهم على إحداث مأثم ، والله أعلم ، وقد تقدم الكلام في البضع .

                                                                                              وهذا الحديث يفهم منه أن فضل الجماعة لم يكن لأجل الجماعة فقط ، بل لما يلازمها من الأحوال كقصد الجماعة ونقل الخطا وانتظار الصلاة وصلاة الملائكة عليه وغير ذلك ، ويعتضد بهذا الحديث مالك لمذهبه في قوله : [ ص: 290 ] لا تفضل جماعة جماعة لاشتراكهم في تلك الأمور .

                                                                                              وقوله “ فلم يخط خطوة " بضم الخاء - الرواية - وهي واحدة الخطا ، وهي ما بين القدمين ، فأما الخطوة - بفتح الخاء - فهي المصدر واحدة الخطو ، فالضم للاسم والفتح للمصدر .

                                                                                              وقوله “ ما لم يؤذ فيه " ; أي ما لم يصدر عنه ما يتأذى به بنو آدم والملائكة ، قلت : ويحتمل قوله " ما لم يحدث فيه " أن يكون بدلا من قوله " ما لم يؤذ فيه " .

                                                                                              وقوله “ إلا رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة " ، قال الداودي : إن كانت له ذنوب حطت عنه ، وإلا رفعت له درجات . قلت : وهذا يقتضي أن الحاصل بالخطوة درجة واحدة ، إما الحط وإما الرفع . وقال غيره : بل الحاصل بالخطوة الواحدة ثلاثة أشياء ; لقوله في الحديث الآخر : كتب الله له بكل خطوة حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط بها عنه سيئة - والله تعالى أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية