الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1127 [ 578 ] وعن جابر قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سفر ، فمطرنا ، فقال : ليصل من شاء منكم في رحله .

                                                                                              رواه مسلم (698)، وأبو داود (1065)، والترمذي (409) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (92) ومن باب : جواز التخلف عن الجماعة لعذر المطر

                                                                                              قوله : نادى ; أي : أذن ، وظاهر قوله : في آخر ندائه أنه قال ذلك بعد فراغه من الأذان ، ويحتمل أن يكون في آخره قبل الفراغ ، ويكون هذا مثل حديث ابن عباس ; حيث قال لمؤذنه : إذا قلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن [ ص: 338 ] محمدا رسول الله ; فلا تقل : حي على الصلاة ، قل : صلوا في رحالكم . وقد استدل بهذين الحديثين من أجاز الكلام في الأذان ، وهم : أحمد والحسن وعروة وعطاء وقتادة ، وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن أبي حازم من المالكية ، ولا حجة لهم في ذلك ; لأن الحديث الأول إن لم يكن ظاهرا فيما ذكرناه ، فلا أقل من أن يكون محمولا ، على أن هذا الحديث قد رواه أبو أحمد بن عدي من حديث أبي هريرة ; قال فيه : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا كانت ليلة باردة أو مطيرة أمر المؤذن فأذن بالأذان الأول ، فإذا فرغ نادى : الصلاة في الرحال - أو : في رحالكم - ، وهذا نص يرفع ذلك الاحتمال .

                                                                                              والحديث الثاني لم يسلك به مسلك الأذان ، ألا تراه قال : لا تقل حي على [ ص: 339 ] الصلاة ؟ وإنما أراد إشعار الناس بالتخفيف عنهم للعذر ، كما فعل في التثويب للأمراء . وقد كره الكلام في الأذان مالك والشافعي وأبو حنيفة ، وعامة الفقهاء .

                                                                                              وظاهر هذين الحديثين : جواز التخلف عن الجماعة والجمعة للمشقة اللاحقة من المطر والريح والبرد ، وما في معنى ذلك من المشاق المحرجة في الحضر والسفر ، وهذا في غير الجمعة قريب ; إذ ليس غيرها بواجب على أصولنا ، وأما في الجمعة ففيه إشكال ، وقد اختلف الناس في جواز التخلف عنها لعذر المطر والوحل ، فذهب أحمد بن حنبل إلى جواز التخلف عنها للمطر الوابل ، وبمثله قال مالك في المطر الشديد والوحل في أحد القولين عنه ، وروي عنه أنه لا يجوز ، وحديث ابن عباس حجة واضحة على الجواز .

                                                                                              فرع : وعلى القول بالجواز عن مالك ، تترك لعذر تمريض المشرف على الهلاك القريب ، والزوجة ، والمملوك . وقال ابن القاسم : ولجنازة أخ من إخوانه ينظر في أمره . وقال ابن حبيب : ولغسل ميت عنده .




                                                                                              الخدمات العلمية