الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1262 [ 638 ] وعنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ينزل الله إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول ، فيقول : أنا الملك ، من ذا الذي يدعوني فأستجيب له ؟ ! من ذا الذي يسألني فأعطيه ؟ ! من ذا الذي يستغفرني فأغفر له ؟ ! فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر .

                                                                                              وفي رواية : ينزل الله - تبارك وتعالى - في السماء الدنيا .

                                                                                              رواه مسلم (758) (169 و 171) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ينزل ربنا ، كذا صحت الرواية هنا ، وهي ظاهرة في النزول المعنوي ، وإليها يرد ينزل على أحد التأويلات ، ومعنى ذلك : أن مقتضى عظمة الله تعالى ، وجلاله ، واستغنائه ، ألا يعبأ بحقير ، ذليل ، فقير ، لكن ينزل بمقتضى كرمه ولطفه ; لأن يقول : من يقرض غير عدوم ولا ظلوم . ويكون قوله : إلى السماء الدنيا عبارة عن الحاجة القريبة إلينا ، والدنيا بمعنى : القربى ، والله أعلم . وقد قيده بعض الناس ينزل بضم الياء ، من : أنزل ، فيكون معدى إلى مفعول محذوف ; أي : ينزل الله ملكا فيقول : كذا . وأما رواية : ينزل ثلاثيا ، من نزل ، فهي صحيحة أيضا ، وهي من باب حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه . كما قال : واسأل القرية [ يوسف : 82 ] . وقد دل على صحة هذا التأويل ما رواه [ ص: 387 ] النسائي عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن الله عز وجل يمهل حتى يمضي شطر الليل الأول ، ثم يأمر مناديا يقول : هل من داع يستجاب له ؟ هل من مستغفر يغفر له ؟ هل من سائل يعطى ؟ وهذا صحيح ، وهو نص . وبه يرتفع الإشكال ، وقد قدمنا في كتاب الإيمان ما تحمل عليه هذه المشكلات كلها .

                                                                                              وقوله : من يدعوني فأستجيب له ; أي : فأجيبه ، وهذا من الله وعد حق ، وقول صدق : ومن أوفى بعهده من الله وإذا وقعت هذه الشروط من العبد على حقيقتها وكمالها ; فلا بد من المشروط ، فإن تخلف شيء من ذلك ؟ فذلك لخلل في الشرط .




                                                                                              الخدمات العلمية