الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1531 [ 792 ] وعن أسامة بن زيد قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فأرسلت إليه إحدى بناته تدعوه ، وتخبره أن صبيا لها ، أو ابنا لها في الموت ، فقال للرسول : ارجع إليها فأخبرها أن لله ما أخذ وله ما أعطى ، وكل شيء عنده بأجل مسمى ، فمرها فلتصبر ولتحتسب ، فعاد الرسول فقال : إنها قد أقسمت لتأتينها . قال : فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقام معه سعد بن عبادة ومعاذ بن جبل ، وانطلقت معهم ، فرفع إليه الصبي ، ونفسه تقعقع كأنها في شنة ، ففاضت عيناه ، فقال له سعد ، ما هذا يا رسول الله ؟ فقال : هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده ، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء .

                                                                                              رواه البخاري (1284) ، ومسلم (923) ، والنسائي (4 \ 22) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله : ونفسه تقعقع كأنها في شنة . قال الهروي : يقال : تقعقع الشيء : إذا اضطرب وتحرك ، ويقال : إنه ليتقعقع لحياه من الكبر . قال غيره : القعقعة هنا : صوت النفس وحشرجة الصدر ، ومنه : قعقعة الجلود ، والترسة والأسلحة ، وهي : أصواتها . والشنة : القربة البالية ، فكأنه شبه صوت نفسه وقلقلته في صدره بصوت ما [ ألقي ] في القربة [ البالية ] اليابسة من الماء إذا حرك فيها . ومن أمثالهم : لا يقعقع له بالشنان ; أي : لا يقرع بقرعه ، كما يفعل بالصبي .

                                                                                              وقوله : هذه رحمة ; أي : رقة يجدها الإنسان في قلبه ، تبعثه على البكاء من خشية الله ، وعلى أفعال البر والخير ، وعلى الشفقة على المبتلى والمصاب ، ومن كان كذلك ; جازاه الله برحمته ، وهو المعني بقوله - صلى الله عليه وسلم - : إنما يرحم الله من [ ص: 576 ] عباده الرحماء ، وضد ذلك القسوة في القلوب الباعثة على الإعراض عن الله - تعالى - ، وعن أفعال الخير . ومن كان كذلك ، قيل فيه : فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله [ الزمر :22 ]




                                                                                              الخدمات العلمية