الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1663 (8) باب

                                                                                              الابتداء في الصدقة بالأهم فالأهم

                                                                                              [ 871 ] عن جابر قال : أعتق رجل من بني عذرة عبدا له عن دبر ، فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ( ألك مال غيره ؟) فقال : لا ، فقال : (من يشتريه مني ؟) فاشتراه نعيم بن عبد الله العدوي بثمانمائة درهم ، فجاء بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدفعها إليه . ثم قال : (ابدأ بنفسك فتصدق عليها ، فإن فضل شيء فلأهلك ، فإن فضل عن أهلك شيء فلذي قرابتك ، فإن فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا) . تقول: فبين يديك وعن يمينك وعن شمالك .

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 369)، ومسلم (997)، وأبو داود (3957)، والنسائي (7 \ 304) .

                                                                                              [ ص: 50 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 50 ] (8) ومن باب: الابتداء بالصدقة بالأهم فالأهم

                                                                                              قوله : " أعتق رجل من بني عذرة " ، وجاء في رواية أخرى في " الأم " ; أن هذا الرجل من الأنصار ، واسمه : أبو مذكور .

                                                                                              وهذا الحديث حجة للشافعي ، ومن قال بقوله على جواز بيع المدبر . وأن التدبير ليس بلازم كالوصية . وخالفه في ذلك مالك ومن قال بقوله . فقال : إنه لا يجوز بيعه إلا إن استغرقه دين بعد الموت ، قال مالك : وهو الأمر المجمع عليه عندنا .

                                                                                              وعلى هذا: فظاهر هذا الحديث متروك بدليل هذا العمل المجمع عليه ، فيتعين تأويل هذا الحديث عند من يرجح العمل المنقول على أخبار الآحاد ، وهو مذهب مالك . وقد حمل أصحابنا هذا الحديث: على أنه إنما باعه النبي - صلى الله عليه وسلم - في دين متقدم على التدبير ، ويعتضد هذا: بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - تولى بيع المدبر بنفسه ، كما يتولى الحاكم بيع مال المفلس . وأحالت الشافعية لهذا التأويل: بأنه - صلى الله عليه وسلم - قال للرجل لما دفع إليه ثمن المدبر : ( ابدأ بنفسك فتصدق عليها ) ; قالوا : ولو كان هنالك دين لكان الابتداء به أولى ، ولقال له : ابدأ بدينك .

                                                                                              قال بعض أصحابنا : إن قوله : ( ابدأ بنفسك ) ; متضمن لذلك ; لأن قوله : ( ابدأ بنفسك ) ; إنما يعني به ابدأ بحقوقها . ومن أعظم حقوقها تخليصها من الدين الذي هي مرتهنة به . ومما احتج به أصحابنا [بأن] المدبر لا يباع ولا يوهب : حديث ابن عمر ، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : ( المدبر لا يباع ولا يوهب ، وهو حر من الثلث ) ، وصحيحه موقوف على ابن عمر ، والذي استدل به مالك ما تقدم .

                                                                                              [ ص: 51 ] وقوله : ( فإن فضل شيء ) ; المعروف : " فضل " بكسر الضاد ، وهي لغة . و [يقال] بفتحها ، وهي اختيار الجوهري .

                                                                                              وهذا الحديث دليل على مراعاة الأوكد فالأوكد .




                                                                                              الخدمات العلمية