الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1674 (9) باب

                                                                                              أعمال البر صدقات

                                                                                              [ 872 ] عن أبي ذر ، أن ناسا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا للنبي : يا رسول الله ! ذهب أهل الدثور بالأجور ، يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم قال : (أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، وفي بضع أحدكم صدقة) . قالوا : يا رسول الله ! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ قال : (أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه فيها وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر) .

                                                                                              رواه أحمد (5 \ 167 و 168)، ومسلم (720)و(1006)، وأبو داود (5243 و 5244)، والنسائي (7 \ 304) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (9) ومن باب: أعمال البر صدقات

                                                                                              قد تقدم القول على الدثور ، وعلى تفضيل الفقر في كتاب الصلاة . ومقصود هذا الحديث : أن أعمال الخير إذا حسنت النيات فيها تنزلت منزلة الصدقات في الأجور ، ولا سيما في حق من لا يقدر على الصدقة . ويفهم منه : أن الصدقة في حق القادر عليها أفضل له من سائر الأعمال القاصرة على فاعلها .

                                                                                              [ ص: 52 ] وقوله : ( في بضع أحدكم صدقة ) ، البضع بضم الباء : الجماع ، وأصله : الفرج . قال الأصمعي : يقال : ملك فلان بضع فلانة : إذا ملك عقد نكاحها ، وهو كناية عن موضوع الغشيان ، والمباضعة : المباشرة ، والاسم : البضع . وفيه دليل : على أن النيات الصادقات تصرف المباحات إلى الطاعات .

                                                                                              وقولهم : " أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟ " استفهام من استبعد حصول أجر بفعل مستلذ ، يحث الطبع عليه ، وكأن هذا الاستبعاد إنما وقع من تصفح الأكثر من الشريعة ، وهو أن الأجور إنما تحصل في العبادات الشاقة على النفوس المخالفة لها . ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - أجابهم على هذا بقياس العكس ، فقال : ( أرأيتم لو وضعها في حرام ؟) ونظمه : كما يأثم في ارتكاب الحرام ، يؤجر في فعل الحلال . وحاصله راجع إلى إعطاء كل واحد من المتقابلين ما يقابل به الآخر من الذوات والأحكام .

                                                                                              وقد اختلف الأصوليون في هذا النوع من القياس ، هل يعمل عليه أم لا ؟ على قولين . وهذا الحديث حجة لصحة العمل بهذا النوع .




                                                                                              الخدمات العلمية