الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2338 [ 1110 ] وعن عائشة قالت: أهدى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرة إلى البيت غنما فقلدها .

                                                                                              رواه البخاري (1701)، ومسلم (1321) (367)، وأبو داود (1755)، والترمذي (909)، والنسائي (5 \ 173-174)، وابن ماجه (3096) .

                                                                                              [ ص: 364 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 364 ] (25) ومن باب: تقليد الهدي وإشعاره عند الإحرام

                                                                                              (الإشعار) : الإعلام . وإشعار الهدي : هو أن يفعل فيه علامة يعلم بها أنه هدي. و (شعائر الحج) : معالمه ، وهي مواضع أفعاله . ومنه سمي المشعر الحرام . و (صفحة السنام) : جانبه . و (السنام) : أعلى ظهر البعير.

                                                                                              وحديث ابن عباس هذا يدل على أن الإشعار يكون في الجانب الأيمن ، وبه أخذ الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وروي عن ابن عمر .

                                                                                              وقالت طائفة : يشعر في الجانب الأيسر ، وبه قال مالك . وقال أيضا : لا بأس به في الأيمن. وقال مجاهد : من أي الجانبين شاء ، وبه قال أحمد في أحد قوليه . وفيه رد على أبي حنيفة ; حيث لا يرى الإشعار ، ويقول : إنه مثلة .

                                                                                              ولا حجة لمن قال : إن الإشعار تعذيب للحيوان ، فإن ذلك يجري مجرى [ ص: 365 ] الوسم الذي يعرف به الملك وغيره مما في معناه . ثم هو أمر معمول به من كافة المسلمين وجماهيرهم من الصحابة وغيرهم. وهذا في البدن واضح . فأما البقر : فإن كانت لها أسنمة أشعرت كالبدن ، قاله ابن عمر . وبه قال مالك . وقال الشافعي ، وأبو ثور : تقلد ، وتشعر مطلقا ، ولم يفرقوا . وقال سعيد بن جبير : تقلد البقر ولا تشعر . فأما الغنم : فلا تشعر . وهل تقلد أم لا ؟ قولان . فممن صار إلى تقليدها جماعة من السلف ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن حبيب . وأنكره مالك ، وأصحاب الرأي. وكأن هؤلاء لم يبلغهم حديث عائشة في تقليد الغنم ، أو بلغهم ، لكنهم تركوه لانفراد الأسود به عن عائشة ، ولم يرو ذلك غيره عنها .

                                                                                              وقوله : ( وقلدها نعلين ) ; النعلان أفضل عندهم . وأجاز مالك والشافعي نعلا واحدة . وأجاز الثوري فم القربة وشبهها. ومقصود التقليد والإشعار : أن يجب الهدي ويعرف ، فلا يتعرض له أحد ، وإن ضل نحر ، ولا ينحر دون محله .




                                                                                              الخدمات العلمية