الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2275 [ 1144 ] وعن أم حبيبة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث بها من جمع بليل ، وفي رواية : نغلس .

                                                                                              رواه مسلم (1292) ( 298 و 299) ، والنسائي ( 5 \ 262 ).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( الظعن ) : جمع ظعينة . وهن النساء في الهوادج . و ( هنتاه ) : منادى : هنة ; التي هي مؤنث هن ; الذي هو كناية عن نكرة ; كشيء ، ونحوه . ولا يستعمل : هناه ، ولا هنتاه إلا في النداء خاصة . ونون هنتاه ساكنة ، وأصل هائه أن تكون ساكنة ; لأنها للسكت ، لكنهم قد شبهوها بالضمائر فأثبتوها في الوصل ، وضموها ، كما قال امرؤ القيس :


                                                                                              وقد رابني قولها يا هنا ه ويحك ألحقت شرا بشر

                                                                                              فقولهم : يا هناه ; كقولك : يا رجل . و: يا هنتاه ; كـ : يا امرأة .

                                                                                              [ ص: 395 ] وفي هذه الأحاديث ما يدل على أن الكون بالمزدلفة بعد الوقوف بعرفة من شعائر الحج ، ومناسكه . ولا خلاف في ذلك ; إلا خلافا شاذا روي عن عطاء ، والأوزاعي : أن جمعا منزل كسائر منازل السفر ، من شاء طواه ، ومن شاء نزل به ، ورحل متى شاء .

                                                                                              ثم اختلف القائلون : بأنه مشروع . فمنهم من ذهب إلى أنه ركن يبطل الحج بفواته. وإليه ذهب أبو عبيد القاسم بن سلام . وقال علقمة ، والشعبي ، والنخعي : من فاته جمع ، ولم يقف به ; فقد فاته الحج . والجمهور : على أنه يلزمه بفواته دم والحج صحيح .

                                                                                              ثم اختلف في القدر الذي يجزئ من ذلك . فقال الشافعي : إن خرج منها بعد نصف الليل فلا شيء عليه . وإن كان قبل ولم يعد إليها ; افتدى بشاة . وقال مالك : من نزل بها ; فلا دم عليه في أي وقت دفع منها ، وإن مر ولم ينزل ; فعليه الدم .

                                                                                              وأما الوقوف بالمشعر الحرام : فقد صار الشافعي ، والنخعي ، والأوزاعي : إلى أنه إن فاته الوقوف به ; فقد فاته الحج . واختلف فيه عن الثوري . والجمهور : على أنه ليس بواجب . ثم اختلفوا . فقال الكوفيون ، وفقهاء أصحاب الحديث : على تاركه دم . وذهب مالك : إلى أنه مستحب ، ولا يجب بتركه دم .

                                                                                              وسبب هذا الخلاف معارضة ظاهر قوله تعالى : فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام [البقرة:198] ; لما ثبت من السنة في إذنه - صلى الله عليه وسلم - لضعفة أهله في الدفع من المزدلفة قبل طلوع الفجر إلى منى ، ولم يأمرهم بالوقوف ، ولا بالدم على الترك ، فدل ذلك على أنه ليس بواجب ، ولا في تركه دم ، وما أمر به عبد الله بن عمر من قدمه من ضعفة أهله من الوقوف عند المشعر الحرام ، فذلك على جهة الاستحباب منه ، وهو حسن لمن فعله . وهذه [ ص: 396 ] الأحاديث تدل على أن الدفع للضعفة من المزدلفة قبل طلوع الفجر رخصة ، ولا خلاف في أن الأولى والأفضل المكث بالمزدلفة إلى أن يصلى الفجر بها ، ثم يقــف بالمشعر الحرام ، ثم يدفع منها بعد ذلك ، كما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم هل تلك الرخصة تختص بالإمام أو تتعدى إلى غيره ممن يحتاج إلى ذلك ؟ قولان عندنا . وابن عمر راوي الحديث فهم التعدي ، وأن من احتاج إلى ذلك فعله ، وهو الصحيح .

                                                                                              وقوله : ( فارتحلت حتى رمت الجمرة ، ثم صلت في منزلها ) ; يعني : صلاة الصبح . وظاهره : أن أسماء رمت الجمرة قبل طلوع الفجر . وهو متمسك الشافعي على قوله بجواز رمي الجمرة من نصف الليل . وذهب الثوري ، والنخعي : إلى أنها لا ترمى إلا بعد طلوع الشمس ; متمسكين بما في كتاب النسائي من حديث ابن عباس : أنه - صلى الله عليه وسلم - قدم ضعفة أهله ، وأمرهم ألا يرموا حتى تطلع الشمس . وهو صحيح . ومذهب مالك : أن الرمي يحل بطلوع الفجر . متمسكا بقول عائشة : [ ص: 397 ] فأصلي الصبح بمنى ، وأرمي الجمرة . وبحديث ابن عمر ، وإليه ذهب أحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .




                                                                                              الخدمات العلمية