الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2287 [ 1149 ] وعن أم الحصين قالت: حججت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حجة الوداع ، فرأيته حين رمى جمرة العقبة، وانصرف، وهو على راحلته، ومعه بلال، وأسامة: أحدهما يقود به راحلته ، والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الشمس ، قالت: فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قولا كثيرا، ثم سمعته يقول: إن استعمل عليكم عبد مجدع (حسبتها قالت) يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا .

                                                                                              رواه أحمد ( 6/ 402)، ومسلم ( 1298)، والترمذي (1706)، والنسائي ( 7/ 154)، وابن ماجه (1861).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : ( والآخر يرفع ثوبه على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الشمس ) ; تعلق بهذا من جوز استظلال المحرم ، وقد تقدم ، وكره مالك ذلك ، وأجاب بعض أصحابه عن هذا الحديث : بأن هذا القدر لا يكاد يدوم . كما أجاز مالك للمحرم أن يستظل بيده . وقال : ما أيسر ما يذهب ذلك ، وقد روي : أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا جعل ظلا على محمله ; فقال : أضح لمن أحرمت له ، أي : ابرز إلى الضحاء . وقال الرياشي : رأيت أحمد بن المعدل في يوم شديد الحر ، فقلت : يا أبا الفضل ! هلا استظللت ! فإن في ذلك توسعة فيه ، فأنشد :


                                                                                              ضحيت له كي أستظل بظله إذا الظل أضحى في القيامة قالصا فوا أسفا إن كان سعيك ضائعا
                                                                                              وواحسرتا إن كان أجرك ناقصا

                                                                                              قال صاحب الأفعال : يقال : ضحيت ، وضحوت ، ضحيا ، وضحوا : برزت للشمس . وضحيت ، ضحا : أصابتني الشمس . قال الله تعالى : وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى [طه: 119].

                                                                                              [ ص: 401 ] وقوله : ( وإن استعمل عليكم عبد مجدع ) : أي : مقطوع الأنف أو الأطراف. والجدع : القطع . والعبد الذي يكون في هذه الضعة هو في نهاية الضعة والخسة . ويفهم منه : وجوب الطاعة لمن ولي شيئا من أمور المسلمين إذا عدل فيهم . ولا تنزع يد من طاعته ، ولا ينظر إلى نسبه ومنصبه ، فيما عدا الإمامة الكبرى .




                                                                                              الخدمات العلمية