الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              238 [ 130 ] وعن مالك بن صعصعة ; قال : قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - : بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان ، إذ سمعت قائلا يقول : أحد الثلاثة بين الرجلين ، فأتيت ، فانطلق بي ، فأتيت بطست من ذهب فيها من ماء زمزم ، فشرح صدري إلى كذا وكذا . قال قتادة : فقلت للذي معي : ما يعني ؟ قال : إلى أسفل بطنه . فاستخرج قلبي ، فغسل بماء زمزم ، ثم أعيد مكانه ، ثم حشي إيمانا وحكمة ، ثم أتيت بدابة أبيض ، يقال له : البراق . . وذكر الحديث .

                                                                                              رواه أحمد ( 4 \ 206 ) ، والبخاري ( 3207 ) ، ومسلم ( 164 ) ، والترمذي ( 3343 ) ، والنسائي ( 1 \ 217 - 218 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وأما قوله : " بينا أنا نائم " يعني في أول القصة ، وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه ، فأتاه الملك فأيقظه . وفي بعض ألفاظه " بينا أنا بين النائم واليقظان أتاني الملك " وذكر الحديث .

                                                                                              وقوله : " فاستيقظت وأنا في المسجد الحرام " ; يحتمل أن يكون استيقاظه من نوم نامه بعد الإسراء ; لأن إسراءه لم يكن طول ليلته ، وإنما كان في بعضها . ويحتمل أن يكون بمعنى : أفقت ، وذلك مما كان غمر باطنه من عجائب ما رأى ، وطالع من ملكوت السماوات ، وخامر باطنه من مشاهدة الملأ [ ص: 386 ] الأعلى ، وإلى هذه الإشارة بقوله تعالى : لقد رأى من آيات ربه الكبرى [ النجم : 18 ] فلم يستفق ويرجع إلى حال بشريته إلا وهو بالمسجد الحرام ، والله أعلم .

                                                                                              وأما متى كان الإسراء ؟ فأقل ما قيل فيه : إنه كان بعد مبعثه - عليه الصلاة والسلام - بخمسة عشر شهرا ، قاله الزهري . وقال الحربي : كان ليلة سبع وعشرين من ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة . وقال ابن إسحاق : أسري به وقد فشا الإسلام بمكة والقبائل . وقال الزهري : كان ذلك بعد مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بخمس سنين ، وهذا أشبه ; لأنه لا خلاف أن خديجة صلت معه بعد فرض الصلاة ، ولا خلاف أنها توفيت قبل الهجرة بمدة قيل : بثلاث سنين ، وقيل : بخمس . وقد أجمع العلماء على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء .




                                                                                              الخدمات العلمية