الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3609 [ 1850 ] وعن أبي سعيد: أن أعرابيا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني في غائط مضبة، وإنه عامة طعام أهلي. قال: فلم يجبه، فقلنا: عاوده، فعاوده فلم يجبه، ثلاثا، ثم ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة فقال: يا أعرابي، إن الله لعن - أو غضب - على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهى عنها.

                                                                                              رواه مسلم (1951) (50 - 51). [ ص: 234 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 234 ] و(قول الأعرابي: في غائط مضبة )، الغائط: المنخفض من الأرض، و( مضبة ) أي: ذات ضباب كثيرة، وهي بفتح الميم والضاد، كقولهم: أرض [ ص: 235 ] مسبعة، ومأسدة; أي: كثيرة ذلك. قال سيبويه : مفعلة - بالهاء والفتح - للتكثير، وقد حكى غيره في مضبة: كسر الميم والضاد، والأول المعروف. و(السبط): واحد الأسباط، وهم كالقبائل في العرب.

                                                                                              و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لعن - أو: غضب - على سبط من بني إسرائيل ، فمسخهم دواب يدبون، ولا أدري لعل هذا منها ) هذا منه - صلى الله عليه وسلم - توقع وخوف لأن يكون الضب من نسل ما مسخ من الأمم، ومثله ما ذكره في الفأرة لما قال: (فقدت أمة من بني إسرائيل لا أدري ما فعلت، ولا أراها إلا الفأر) كان هذا منه - صلى الله عليه وسلم - ظنا وحدسا قبل أن يوحى إليه: (إن الله تعالى لم يجعل لمسخ نسلا) فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوف، وعلم أن الضب والفأر ليسا من نسل ما مسخ، وعند ذلك أخبرنا بقوله: (إن الله لم يجعل لمسخ نسلا).

                                                                                              وقد تقدمت النصوص بإباحة أكل الضب ، وأما الفأر: فلا يؤكل، لا لأنه مسخ، بل لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد استخبثه، كما قد استخبث الوزغ، وأمر بقتله، وسماه: فويسقا، وإذا ثبت ذلك فقد تناوله قوله تعالى: ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث [الأعراف: 157] فيكون أكلها حراما.

                                                                                              وأما الهر: فقد تناوله عموم تحريم كل ذي ناب؛ فإنه من ذوات الأنياب على ما تقدم، وقد جاء فيه حديث [ ص: 236 ] صحيح ذكره أبو داود من حديث جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الهر، وأكل ثمنه .




                                                                                              الخدمات العلمية