الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              3732 [ 1882 ] وعن جابر: أن رجلا قدم من جيشان - وجيشان من اليمن - فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذرة يقال له: المزر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أومسكر هو؟ قال: نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مسكر حرام، إن على الله عهدا لمن شرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال. قالوا: يا رسول الله، وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار، أو عصارة أهل النار.

                                                                                              رواه أحمد (3 \ 361) ومسلم (2002) والنسائي (8 \ 327).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و(قوله - صلى الله عليه وسلم -: أومسكر هو ؟) الرواية التي لا يعرف غيرها هي بفتح الهمزة، وفتح الواو، وعلى جهة الاستفهام عن صفة النبيذ المسؤول عنه، وهو حجة على من يعلق التحريم على وجود الإسكار بالشارب من غير اعتبار وصف المشروب، وهم الحنفية، وهذا نص في أن المعتبر شرعا إنما هو المعنى الذي في الخمر; الذي يعبر عنه الفقهاء بالشدة المطربة والمسكرة.

                                                                                              [ ص: 269 ] و(قوله: إن على الله عهدا لمن شرب المسكر ) أي: التزم ذلك بقوله ووعيده حسب ما سبق في علمه. وقد فسر ( طينة الخبال ) بأنها عصارة أهل النار. وفي حديث آخر: (صديد أهل النار). وسمي ذلك بطينة الخبال; لأنها تخبل عقل شاربها، وتفسد حاله، مأخوذ من الخبل في العقل، والله تعالى أعلم.

                                                                                              وهذا الوعيد وإن كان معلقا على مطلق الشرب فقد قيده في الحديث الآخر منها فقال: (من شرب الخمر في الدنيا فمات وهو يدمنها، لم يتب، لم يشربها في الآخرة) وأما من تاب منها فلم يدخل في هذا الوعيد إذا حسنت توبته.

                                                                                              وفيه ما يدل على أن التوبة من الذنب مكفرة له، وهو الذي صرحت به آي الكتاب والسنة، كقوله تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات [الشورى: 25] وكقوله: إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات [الفرقان: 70] وغير ذلك من الآي؛ ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له) وغير ذلك. وهذا مقطوع به في التوبة من الكفر، وهل هو مقطوع به أو مظنون في التوبة من غير الكفر؟ اختلف فيه أهل السنة . والذي أقول به: إن من استقرأ الشريعة قرآنا وسنة، وتتبع ما فيهما من هذا المعنى علم على القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين.




                                                                                              الخدمات العلمية