الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              416 [ 212 ] وعن أبي هريرة ; أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا استيقظ أحدكم من نومه . فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا . فإنه لا يدري أين باتت يده .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 241 ) ، والبخاري ( 162 ) ، ومسلم ( 238 ) ، وأبو داود ( 103 - 105 ) ، والترمذي ( 24 ) ، والنسائي ( 1 \ 6 - 7 ) .

                                                                                              [ ص: 536 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 536 ] و (قوله : " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء ") تمسك داود والطبري بظاهر هذا الخبر ; فأوجبا غسل اليدين على من قام من النوم ليلا أو نهارا للوضوء ، وحكما بأن الماء ينجس إن لم يغسل يديه قبل أن يدخلهما فيه . وخصه ابن حنبل وبعض أهل الظاهر بنوم الليل خاصة ; لأنهما فهما من لفظ البيات نوم الليل ; لما رواه أبو داود في هذا الحديث حيث قال : " إذا استيقظ أحدكم من الليل " ، وذكر الحديث .

                                                                                              وذهب الجمهور إلى أن ذلك على جهة الاستحباب ; بدليل تعليله في آخره بقوله : " فإنه لا يدري أين باتت يده " . ومعنى ذلك : أن يد النائم تجول في مغابنه ومواضع استجماره ، وأعراقه ، فقد يتعلق باليد منها شيء ، فيؤدي إلى إفساد الماء ، على قول من يرى أن قليل النجاسة ينجس قليل الماء ، أو إلى عيافته على قول من يرى أنها لا تنجسه إلا أن تغيره .

                                                                                              واحتج أصحاب الشافعي بهذا الحديث على الفرق بين ورود النجاسة على الماء ، وبين ورود الماء على النجاسة ، ولا يصح لهم ذلك حتى يصح لهم أن هذا الحديث يفيد أن قليل النجاسة ينجس الماء وإن لم تغيره ، وذلك ممنوع ; فإنه يحتمل أن يكون نهيه عن ذلك ; لأنه يصير الماء مما يعاف ، لا أنه ينجس ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              ومن هذا الحديث فهم أشهب أن حكم غسل اليد في الوضوء الاستحباب للشاك في نظافة يده ، وقد قدمنا مأخذ ابن القاسم .




                                                                                              الخدمات العلمية