الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              563 [ 226 ] وعن أنس ; قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء - في رواية : الكنيف - قال : اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث .

                                                                                              رواه أحمد ( 3 \ 99 ) ، والبخاري ( 142 ) ، ومسلم ( 375 ) ، وأبو داود ( 4 ) ، والترمذي ( 5 ) ، والنسائي ( 1 \ 20 ) ، وابن ماجه ( 296 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " فإذا دخل الخلاء ") أصل الخلاء : الخلوة ، وهي الخلو ، كنى به عن الحدث ; لأنه يفعل في خلوة . والكنيف : الساتر . وقوله : " إذا دخل " أي : أراد أن يدخل ، وقد جاء هذا أيضا في البخاري هكذا : " إذا أراد أن يدخل " ، ويخرج من هذا : كراهة ذكر الله تعالى ، وقراءة القرآن في هذه المواضع المعتادة للحدث ، فلو لم يتعوذ عند الدخول ناسيا ، فهل يتعوذ بعد الدخول أم لا ؟ فعن مالك في ذلك قولان ، وكرهه جماعة من السلف كابن عباس ، وعطاء ، والشعبي . وأجاز ذكر الله تعالى في الكنيف ، وعلى كل حال ، جماعة كعبد الله بن عمر ، وابن سيرين ، والنخعي ، متمسكين بقول عائشة : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه .

                                                                                              [ ص: 554 ] وكذلك اختلفوا في دخول الخلاء بالخاتم فيه اسم الله تعالى .

                                                                                              و (قوله : " أعوذ ") أي : ألوذ وألتجئ ، وقد تقدم .

                                                                                              و (قوله : " من الخبث والخبائث ") رويناه : ساكن الباء ومضمومها . قال ابن الأعرابي : الخبيث في كلام العرب : المكروه . وهو ضد الطيب . قال أبو الهيثم : الخبث - بالضم - : جمع خبيث ، وهو الذكر من الشياطين ، والخبائث : جمع الخبيثة ، وهي الأنثى منهم ، ويعني : أنه تعوذ من ذكورهم وإناثهم ، ونحوه قال الخطابي . وقال الداودي : الخبيث : الشيطان ، والخبائث : المعاصي . وأما بسكون الباء فقيل فيه : إنه المكروه مطلقا ، وقيل : إنه الكفر . والخبائث : الشياطين ، قاله ابن الأنباري . وقيل : الخبائث : البول والغائط ، كما قال : " لا تدافعوا الأخبثين : الغائط والبول في الصلاة " .

                                                                                              وقد روى أبو داود في المراسيل عن الحسن : أنه - عليه الصلاة والسلام - كان إذا أراد الخلاء قال : " اللهم إني أعوذ بك من الخبث المخبث ، الرجس النجس ، الشيطان الرجيم " ، فأتى بالخبيث للجنس ، وأكده بالمخبث ، والعرب تقول : خبيث مخبث ، ومخبثان إذا بالغت في ذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية