الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4909 [ 2657 ] وعن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب : لا إله إلا الله العظيم الحليم ، لا إله إلا الله رب العرش العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض رب العرش الكريم .

                                                                                              وفي رواية : (إذا حزبه أمر) مكان (عند الكرب) .

                                                                                              رواه أحمد (1 \ 228) ، والبخاري (6345) ، ومسلم (2730) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : كان صلى الله عليه وسلم يقول عند الكرب : " لا إله إلا الله العظيم الحليم . . . الحديث ") قال الطبري : كان السلف يدعون بهذا الدعاء ، ويسمونه : دعاء الكرب ، فإن قيل : كيف يسمى هذا دعاء وليس فيه من معنى الدعاء شيء ، وإنما هو تعظيم لله تعالى ، وثناء عليه ؟ فالجواب : إن هذا يسمى دعاء لوجهين :

                                                                                              أحدهما : أنه يستفتح به الدعاء ، ومن بعده يدعو . وقد ورد في بعض طرقه : " ثم يدعو" .

                                                                                              وثانيهما : أن ابن عيينة قال - وقد سئل عن هذا - : أما علمت أن الله تعالى يقول : " إذا شغل عبدي ثناؤه عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين ؟ " . وقد قال أمية بن أبي الصلت :


                                                                                              إذا أثنى عليك المرء يوما كفاه من تعرضك الثناء

                                                                                              [ ص: 57 ] قلت : وهذا الكلام حسن ، وتتميمه أن ذلك إنما كان لنكتتين :

                                                                                              إحداهما : كرم المثنى عليه ، فإنه إذا اكتفى بالثناء عن السؤال دل ذلك على سهولة البذل عليه ، والمبالغة في كرم الحق .

                                                                                              وثانيهما : أن المثني لما آثر الثناء ، الذي هو حق المثنى عليه على حق نفسه الذي هو حاجته ، بودر إلى قضاء حاجته من غير إحواج إلى إظهار مذلة السؤال ; مجازاة له على ذلك الإيثار ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              ومما قد جاء منصوصا عليه وسمي دعاء ، وإن لم يكن فيه دعاء ولا طلب ، ما أخرجه النسائي من حديث سعد بن أبي وقاص ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : دعوة ذي النون إذ دعا بها في بطن الحوت : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ، فإنه لن يدعو بها مسلم في شيء إلا استجيب له .

                                                                                              ومعنى إذا حزبه أمر ، أي أصابه ودهمه ، وهو بالحاء المهملة وبالزاي ، وبالباء المعجمة بواحدة .




                                                                                              الخدمات العلمية