الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5104 [ 2731 ] وعن ابن عباس قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال : يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين [ الأنبياء : 104 ] ألا وإن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم ، ألا إنه سيجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : يا رب أصحابي ، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا - وفي رواية : بعدك - فأقول كما قال العبد الصالح : وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله : أنت العزيز الحكيم [ المائدة : 117 ] قال : فيقال : إنهم لم يزالوا مدبرين مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم .

                                                                                              رواه أحمد (1 \ 235) ، والبخاري (4625) ، ومسلم (2860) ، وأبو داود (58) ، والترمذي (2423) ، والنسائي (4 \ 116) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : كما بدأنا أول خلق نعيده [ الأنبياء : 104 ]) أي : يعيده على خلقته الأولى لا ينقص منها شيء .

                                                                                              و (قوله : " ألا إن أول الناس يكسى يوم القيامة إبراهيم عليه السلام ") هذا ، يدل على أن الناس كلهم - الأنبياء وغيرهم - يحشرون عراة ، كما قال في الحديث [ ص: 153 ] المتقدم ، وأن أهل السعادة يكسون من ثياب الجنة ، ولا شك في أن من كسي من ثياب الجنة فقد لبس جبة تقيه مكاره الحشر وعرقه ، وحر الشمس والنار ، وغير ذلك ، فظاهر عمومه يقتضي : أن إبراهيم يكسى قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فيجوز أن يكون هذا من خصائص إبراهيم ، كما قد خص موسى - عليه السلام - بأن النبي صلى الله عليه وسلم يجده متعلقا بساق العرش ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض ، ولا يلزم من هذا أن يكونا أفضل منه مطلقا ، بل : هو أفضل من وافى القيامة ، وسيد ولد آدم ، كما دللنا عليه فيما تقدم ، ويجوز أن يراد بالناس من عداه من الناس ، فلم يدخل تحت خطاب نفسه ، والله تعالى أعلم . وقد تقدم القول على قوله : " إنهم لم يزالوا مرتدين منذ فارقتهم " .




                                                                                              الخدمات العلمية