الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5105 [ 2732 ] وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين ، واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير ، وتحشر بقيتهم النار ، تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسي معهم حيث أمسوا .

                                                                                              رواه البخاري (6522) ، ومسلم (2861) ، والنسائي (1 \ 114) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين وراهبين ") الطرائق : الأحوال المختلفة ، والفرق المتفرقة ، ومنه قوله تعالى : ذلك كنا طرائق قددا [ الجن : 11 ] أي : فرقا مختلفة . قال القاضي : هذا الحشر هو في الدنيا قبل قيام الساعة ، وهو آخر أشراطها ، كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة ، قال فيه : " وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس " وفي رواية : " تطرد الناس إلى [ ص: 154 ] محشرهم " . وفي حديث آخر : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز " . ويدل على أنها قبل يوم القيامة قوله : (فتقيل معهم حيث قالوا ، وتمسي معهم حيث أمسوا ، وتصبح معهم حيث أصبحوا " . قال : وفي بعض الروايات في غير مسلم : فإذا سمعتم بها فاخرجوا إلى الشام " كأنه أمر بسبقها إليه قبل إزعاجها لهم . وقد قال الأزهري في قوله : لأول الحشر [ الحشر : 2 ] إن الحشر الأول إلى الشام : إجلاء بني النضير من بلادهم إلى الشام .

                                                                                              قلت : وعلى هذا فيكون معنى راغبين : في لقاء الله وفي ثوابه ، وهؤلاء هم المؤمنون الذين وسموا باسم الإيمان . وراهبين ; أي : خائفين ، يعني بهم الكفار الذي وسموا باسم الكفر ، وذلك إذا طبع على كل قلب بما فيه عند طلوع الشمس من مغربها ، وإذا خرجت دابة الأرض فنفخت في وجوه الناس ما تسم في وجه المؤمن : مؤمن ، وفي وجه الكافر : كافر ، على ما يأتي إن شاء الله تعالى .




                                                                                              الخدمات العلمية