الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5106 [ 2735 ] وعن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم : يوم يقوم الناس لرب العالمين [ المطففين : 6 ] قال : يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه .

                                                                                              رواه البخاري (6531) ، ومسلم (2862) ، والترمذي (2424 و 3333) .

                                                                                              [ ص: 155 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 155 ] (7 و 8) ومن باب : دنو الشمس من الخلائق يوم القيامة والمحاسبة

                                                                                              (قوله : " تدنى الشمس يوم القيامة ") أي : تقرب . والميل : اسم مشترك بين مسافة الأرض ، والمرود الذي تكحل به العين . ولذلك أشكل المراد على سليم بن عامر ، والأولى به هنا : مسافة الأرض ; لأنها إذا كان بينها وبين الرؤوس مقدار المرود فهي متصلة بالرؤوس لقلة مقدار المرود .

                                                                                              و (قوله : " ويكون الناس في العرق على قدر أعمالهم ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما ") وقد تقدم أن الحقوين : الخصران . وقيل : هما طرفا [ ص: 156 ] الوركين ، والأول المعروف . وهذا العرق إنما هو لشدة الضغط ، وحر الشمس التي على الرؤوس بحيث تغلي منها الهام ، وحرارة الأنفاس ، وحرارة النار المحدقة بأرض المحشر ، ولأنها تخرج منها أعناق تلتقط الناس من الموقف ، فترشح رطوبة الأبدان من كل إنسان بحسب عمله ، ثم يجمع عليه ما يرشح منه بعد أن يغوص عرقهم في الأرض مقدار سبعين باعا ، أو ذراعا ، أو عاما ، على اختلاف الروايات ، فإن قيل : فعلى هذا يكون الناس في مثل البحر من العرق ، فيلزم أن يسبح الكل فيها سبحا واحدا ، فكيف يكونون متفاضلين بعضهم إلى عقبيه ، وبعضهم إلى فمه ، وما بينهما . قلنا : يزول هذا الاستبعاد بأوجه ، أقربها وجهان :

                                                                                              أحدهما : أن يخلق الله تعالى ارتفاعا في الأرض التي تحت قدم كل إنسان بحسب عمله ، فيرتفع عن الأرض بحسب ارتفاع ما تحته .

                                                                                              وثانيهما : أن يحشر الناس جماعات في تفرقة ، فيحشر كل من يبلغ عرقه إلى [ ص: 157 ] كعبيه في جهة ، وكل من يبلغ حقويه في جهة ، وهكذا . والقدرة صالحة لأن تمسك عرق كل إنسان عليه بحسب عمله ، فلا يتصل بغيره ، وإن كان بإزائه ، كما قد أمسك جرية البحر لموسى - عليه السلام - حيث طلب لقاء الخضر ، ولبني إسرائيل حين اتبعهم فرعون ، والله تعالى أعلم بالواقع من هذه الأوجه . والحاصل أن هذا المقام مقام هائل لا تفي بهوله العبارات ، ولا تحيط به الأوهام ، ولا الإشارات ، وأبلغ ما نطق به في ذلك الناطقون : قل هو نبأ عظيم أنتم عنه معرضون [ ص : 67 - 68 ]




                                                                                              الخدمات العلمية