الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5172 [ 2780 ] وعن سالم بن عبد الله أنه قال : يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبيرة ، سمعت أبي ، عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الفتنة تجيء من هاهنا - وأومأ بيده نحو المشرق - من حيث يطلع قرنا الشيطان ، وأنتم يضرب بعضكم رقاب بعض ، وإنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ ، فقال الله له : وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا [ طه : 40 ]

                                                                                              رواه مسلم (2905) (50) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قول سالم لأهل العراق : إنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ . . . الكلام إلى آخره) تعظيم لما أقدموا عليه من قتل أخيار المسلمين [ ص: 210 ] وصدورهم ، وتقبيح عليهم ، وتهديد لهم ، ووجه ذلك : أن الله تعالى عظم على موسى - عليه السلام - وهو صفيه وكليمه ، عليه السلام - قتل كافر لم ينه عن قتله ، مع أن قتله كان خطأ ، وكرر عليه ، وامتن عليه بمغفرته له ذلك مرارا ، فكيف يكون حال من سفك دماء خيار المسلمين من صدور هذه الأمة من الصحابة والتابعين ؟! كل ذلك بمحض الهوى ، والتجرؤ على استباحة الدماء ، فهم الذين قتلوا الحسين ، وسبوا نساءه وأولاده من غير توقف ولا سؤال ، وسألوا عن دم البراغيث ليرتفع عنهم الإشكال ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .

                                                                                              و (قوله : فنجيناك من الغم [ طه : 40 ] أي : من غم البحر ، وقيل : غم الخوف والقود . وفتناك فتونا فتنة بعد فتنة ; أي : محنة بعد محنة ، وفتونا : مصدر فتن ، كخرج خروجا ، وقعد قعودا . وقال قتادة : بلوناك بلاء بعد بلاء ، يعني : أنعمنا عليك بنعم كثيرة . وقد تقدم : أن البلاء يكون بمعنى الابتلاء بالخير والشر . وكل ذلك بمعنى الفتنة والمحنة ; لأنها كلها بمعنى واحد .




                                                                                              الخدمات العلمية