الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              570 [ 297 ] وعن أنس بن مالك قال : ذكروا أن يعلموا وقت الصلاة بشيء يعرفونه ; فذكروا أن ينوروا نارا أو يضربوا ناقوسا ، فأمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة.

                                                                                              قال ابن علية : فحدثت به أيوب فقال : إلا الإقامة .

                                                                                              رواه البخاري ( 603 )، ومسلم ( 378 ) ( 2 و 3 )، وأبو داود ( 508 )، والترمذي ( 193 )، والنسائي ( 2 \ 3 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله " أمر بلال أن يشفع الأذان " ; أي : يثنيه ، وعلى هذا جمهور أئمة الفتوى ، وقد روي فيه عن بعض السلف خلاف شاذ - في إفراده وتثنيته - يأتي إن شاء الله .

                                                                                              وقوله " ويوتر الإقامة " ; أي : يفردها ، وهو مذهب مالك والشافعي ، لم [ ص: 8 ] يختلفوا إلا في قوله " قد قامت الصلاة " ; فمالك يفردها في المشهور عنه ، وهو عمل أهل المدينة . والشافعي يثنيها ، وهو عمل أهل مكة . وقد روي مثل ذلك عن مالك ، وهو الذي أراد أيوب بقوله " إلا الإقامة " ; أي : إن قوله " قد قامت الصلاة " مثنى ، فاستثناه من كلمات الإقامة . وذهب الكوفيون والثوري إلى أن يشفعوا الإقامة كلها ، وهو قول بعض السلف ، وقد ورد تشفيع الإقامة من حديث أبي محذورة ، والصحيح من حديثه هو الإفراد .

                                                                                              واختلف الفقهاء في حكم الإقامة ; فعند مالك والشافعي وجمهور الفقهاء أنها سنة مؤكدة وأنه لا إعادة على تاركها ، وعند الأوزاعي وعطاء ومجاهد وابن أبي ليلى أنها واجبة وعلى من تركها الإعادة ، وبه قال أهل الظاهر . وروي عندنا أيضا أن من تركها عمدا أعاد الصلاة ، وليس ذلك لوجوبها ; إذ لو كان ذلك لاستوى سهوها وعمدها ، وإنما ذلك للاستخفاف بالسنن .

                                                                                              وذكر مسلم في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأذان لأبي محذورة التكبير أولا مرتين ، كذا في أكثر الأصول وروايات جماعات الشيوخ ، ووقع في بعض طرق الفارسي التكبير أربع مرات ، ومذهب مالك - رحمه الله - تثنية الأذان كله غير أنه يرجع ، وهو نقل أهل المدينة المتواتر عن أذان بلال وهو آخر أذانه والذي توفي عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، ومذهب الشافعي الترجيع وهو عمل أهل مكة .




                                                                                              الخدمات العلمية