الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              585 [ 305 ] وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع التأذين ، فإذا قضي التأذين أقبل ، حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر ، حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء ونفسه ; يقول له : اذكر كذا ، واذكر كذا ! لما لم يكن يذكر من قبل ، حتى يظل الرجل إن يدري كم صلى .

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 313 و 460 )، والبخاري ( 1231 )، ومسلم ( 389 ) (19)، وأبو داود ( 516 )، والنسائي ( \ 21 - 22 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              وقوله " حتى إذا ثوب بالصلاة أدبر " ; أي أقيمت ، وأصله أنه رجع إلى ما يشبه الأذان ، أو لأن الإقامة يرجع إليها ويكرر على ما تقدم ، وأصله من ثاب إلى الشيء إذا رجع ، ومنه قيل لقول المؤذن: " الصلاة خير من النوم " تثويب . وقال [ ص: 17 ] الخطابي : التثويب الإعلام بالشيء ووقوعه ، وأصله أن الرجل إذا جاء فزعا لوح بثوبه .

                                                                                              وقوله " حتى يخطر بين المرء ونفسه " ، قال الباجي : يمر فيحول بين المرء وما يريد من نفسه من إقباله على صلاته وإخلاصه ، وهو على رواية أكثرهم بضم الطاء ، وعن أبي بحر " يخطر " بكسرها ; من قولهم خطر البعير بذنبه إذا حركه ، فكأنه يريد حركته بوسوسة النفس وشغل السر.

                                                                                              وقوله " حتى يظل الرجل ما يدري كم صلى " ، هذه الرواية التي أثبتناها هي الواضحة ، وهي " يظل " بالظاء المشالة ; بمعنى يصير ، كما قال : ظل وجهه مسودا [ النحل : 58 ] ، وقيل : معناه يبقى ويدوم ، وأنشدوا عليه :

                                                                                              . . . . . . . . . .

                                                                                              ظللت ردائي فوق رأسي قاعدا

                                                                                              وحكى الداودي أنه روي " يضل " بالضاد ; بمعنى ينسى ويذهب ، قال الله عز وجل : أن تضل إحداهما [ البقرة : 282 ]

                                                                                              وقوله " إن يدري كم صلى " بالكسر ; بمعنى ما يدري ، ويروى " أن يدري " بفتحها ، وهي رواية أبي عمر بن عبد البر ، وقال : هي رواية أكثرهم . قال : ومعناها لا يدري . وكذا ضبطها الأصيلي في كتاب البخاري " أن " بالفتح ، وليست هذه الرواية بشيء إلا مع رواية الضاد ، فتكون " أن " مع الفعل بتأويل المصدر ، ومفعول ضل " أن " بإسقاط حرف الجر ; أي : يضل عن درايته وينسى عدد ركعاته ، وهذا أيضا فيه بعد .




                                                                                              الخدمات العلمية