الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              855 [ 439 ] وعن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى نخامة في قبلة المسجد ، فأقبل على الناس ، فقال : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه ، فيتنخع أمامه ؟ أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه ؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره ، تحت قدمه ، فإن لم يجد فليقل هكذا ، ووصف القاسم : فتفل في ثوبه ، ثم مسح بعضه على بعض .

                                                                                              رواه أحمد (2 \ 250)، والبخاري (416)، ومسلم (550)، وأبو داود (477)، والنسائي (1 \ 163)، وابن ماجه (1022) .

                                                                                              [ ص: 157 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 157 ] وقوله : رأى نخامة في قبلة المسجد ، النخامة ، والنخاعة : ما يخرج من الصدر ; يقال : تنخم وتنخع بمعنى واحد ، والبصاق بالصاد والزاي : ما يخرج من الفم . والمخاط : ما يخرج من الأنف . ويقال : بصق الرجل يبصق ، وبزق كذلك . وتفل بفتح العين يتفل بكسرها ، وبالتاء باثنتين لا غير . ونفث ينفث . قال ابن مكي في تثقيف اللسان : التفل بفتح الفاء : نفخ لا بصاق معه ، والنفث لا بد أن يكون معه شيء من الريق . قاله أبو عبيد . وقال الثعالبي : المج : الرمي بالريق ، والتفل أقل منه ، والنفث أقل منه .

                                                                                              وقوله : ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه ; هذا محمول على تعظيم حرمة هذه الجهة وتشريفها ; كما قال : الحجر الأسود يمين الله في الأرض ; أي : بمنزلة يمين الله . ولما كان المصلي يتوجه بوجهه وقصده وكليته إلى هذه الجهة ، نزلها في حقه منزلة وجود الله تعالى ، فيكون هذا من باب الاستعارة ، وقد يجوز أن يكون من باب حذف المضاف ، وإقامة المضاف إليه مقامه ، فكأنه قال : مستقبل قبلة ربه ، [ ص: 158 ] أو رحمة ربه ; كما قال في الحديث الآخر : فلا يبصق قبل القبلة ، فإن الرحمة تواجهه .




                                                                                              الخدمات العلمية