الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              932 (59) باب

                                                                                              قدر ما يقعد الإمام بعد السلام وما يقال بعده

                                                                                              [ 478 ] عن عائشة قالت : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام .

                                                                                              رواه أحمد (6 \ 62 و 184 و 235)، ومسلم (592)، والترمذي (298)، والنسائي (3 \ 69)، وابن ماجه (924) .

                                                                                              [ ص: 210 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 210 ] (59) ومن باب : قدر ما يقعد الإمام بعد السلام

                                                                                              قول عائشة رضي الله عنها: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول : اللهم أنت السلام " . . . الحديث ; دليل لمالك : على كراهيته للإمام المقام في موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه ، خلافا لمن أجاز ذلك ، والصحيح : الكراهة لهذا الحديث ، ولما رواه البخاري من حديث أم سلمة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سلم يمكث في مكانه يسيرا . قال ابن شهاب : فنرى - والله أعلم - لكي ينفذ من ينصرف من النساء . ووجه التمسك بذلك أنهم اعتذروا عن المقام اليسير الذي صدر عنه - عليه الصلاة والسلام - ، وبينوا وجهه ، فدل ذلك : على أن الإسراع بالقيام هو الأصل والمشروع ، وأما القعود فإنما كان منه ليستوفي من الذكر ما يليق بالسلام الذي انفصل به من الصلاة ، ولينصرف النساء . وقد روى البخاري أيضا عن سمرة بن جندب : أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا صلى أقبل بوجهه ، وهذا يدل على أن إقباله على الناس كان متصلا بفراغه ، ولم يكن يقعد . وقد روى أبو أحمد بن عدي ما هو أنص من هذا كله عن أنس قال : صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فكان ساعة يسلم يقوم ، ثم صليت مع أبي بكر ، فكان إذا سلم وثب كأنه يقوم عن رضفة . وهذا الحديث [ ص: 211 ] وإن لم يكن في الصحة مثل ما تقدم ، فهو عاضد للصحيح ، ومبين لمضمونه . وإذا كره له القعود في موضع صلاته ، فأحرى وأولى أن تكره له الصلاة فيه . وقد روى أبو داود عن المغيرة بن شعبة ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا يصلي الإمام في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول . ويعتضد هذا من جهة المعنى : بأن ذلك الموضع إنما استحقه الإمام للصلاة التي يقتدى به فيها ، فإذا فرغت ساوى الناس ، وزال حكم الاختصاص ، والله أعلم .




                                                                                              الخدمات العلمية