الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              1039 [ 535 ] وعن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة .

                                                                                              وفي رواية : صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين .


                                                                                              رواه أحمد (2 \ 102)، والبخاري (645)، ومسلم (650)، والترمذي (215)، والنسائي (2 \ 103)، وابن ماجه (789) .

                                                                                              [ ص: 274 ]

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              [ ص: 274 ] (76) ومن باب : صلاة الفذ جائزة ، والجماعة أفضل

                                                                                              قوله " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا " ، وفي حديث ابن عمر " بسبع وعشرين درجة " ، اختلف في الجزء والدرجة ; هل مقدارهما واحد أو لا ؟ فقيل : الدرجة أصغر من الجزء ، فكأن الخمسة والعشرين إذا جزئت درجات كانت سبعا وعشرين . وقيل : يحمل على أن الله تعالى كتب فيها أنها أفضل بخمسة وعشرين جزءا ، ثم تفضل بزيادة درجتين . وقيل : إن هذا بحسب أحوال المصلين ، فمن حافظ على آداب الجماعة واشتدت عنايته بذلك كان ثوابه سبعا وعشرين ، ومن نقص عن ذلك كان ثوابه خمسا وعشرين . وقيل : إنه راجع إلى أعيان الصلوات ، فيكون على بعضها سبعا وعشرين وعلى بعضها خمسا وعشرين ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              وهذا الحديث رد على داود في قوله : إن من صلى فذا وترك الجماعة لا تجزئه صلاته . ووجه الرد عليه أنه - صلى الله عليه وسلم - قال " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ " ، فشرك بينهما في الفضيلة ، وذلك لا يكون إلا بعد الحكم بصحة كل صلاة منهما . وقد نص على هذا المعنى في الرواية التي قال فيها : صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة . ولا تتحقق الزيادة إلا بعد [ ص: 275 ] ثبوت المزيد عليه وتحققه ، وقد أفادت هذه الزيادة أن المصلي في جماعة يكون له ثمانية وعشرون جزءا باعتبار الأصل الذي زيد عليه سبع وعشرون ، ويكون للمصلي وحده جزء واحد . لا يقال : إن لفظة أفعل قد ترد لإثبات صفة في إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى ، وأفعل المضافة إلى صلاة الفذ كذلك ; لأنا نقول : إنما يصح ذلك في أفعل مطلقا غير مقرون بمن ، كقوله تبارك وتعالى : فتبارك الله أحسن الخالقين [ المؤمنون : 14 ] وقد اختلف العلماء في هذا الفضل المضاف للجماعة ; هل هو لأجل الجماعة فقط حيث كانت ؟ أو إنما يكون ذلك الفضل للجماعة التي تكون في المسجد لما يلازم ذلك من أفعال تختص بالمساجد كإكثار الخطا إلى المساجد وكتب الحسنات ومحو السيئات بكل خطوة وانتظار الصلاة ودعاء الملائكة ومراعاة آداب دخول المسجد إلى غير ذلك ؟ والظاهر الأول ; لأن الجماعة هو الوصف الذي علق عليه الحكم . ثم إذا قلنا ذلك لأجل الجماعة ، فهل تفضل جماعة جماعة بالكثرة ؟ المشهور عن مالك أنه لا فضل لجماعة على جماعة . وقال ابن حبيب : بل تفضل جماعة جماعة بالكثرة وفضيلة الإمام . وعلى المشهور : فمن صلى في جماعة فلا يعيد في أكثر منها ، وعليه عامة العلماء إلا ما روي عن مالك وغيره من إعادتها في المساجد الثلاثة في الجماعة .




                                                                                              الخدمات العلمية