الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وإطلاقه ) أي : إطلاق الوصف المشتق على شيء ( قبل وجود الصفة ) أي قبل قيام الوصف ( المشتق منها ) بذلك الشيء ( مجاز ) وحكي إجماعا ( إن أريد الفعل - ) كقولنا مثلا : زيد بائع ، قبل وجود البيع منه ، وهو ( حقيقة إن أريدت الصفة ) المشبهة باسم الفاعل ( كسيف قطوع ) ونحوه ، كخبز مشبع ، وخمر مسكر وماء مرو ( فأما صفات الله تعالى فقديمة وحقيقة ) عند أحمد وأصحابه .

وأكثر أهل السنة . قال الحافظ أبو الفضل بن حجر في شرح البخاري : اختلفوا هل صفة الفعل قديمة أو حادثة ؟ فقال جماعة من السلف ، منهم أبو حنيفة : هي قديمة . وقال آخرون ، منهم ابن كلاب والأشعري : هي حادثة ، لئلا [ يلزم أن ] يكون المخلوق قديما وأجاب الأولون بأنه يوجد في الأزل صفة الخلق ، ولا مخلوق .

فأجاب الأشعري بأنه لا يكون خلق ولا مخلوق ، كما لا يكون ضارب ولا مضروب .

فألزموه بحدوث صفاته ، فيلزم حلول الحوادث بالله تعالى . فأجاب بأن هذه الصفات لا تحدث في الذات شيئا جديدا . فتعقب بأنه يلزم أن لا يسمى في الأزل خالقا ولا رازقا . وكلام الله سبحانه وتعالى قديم وقد ثبت فيه أنه الخالق الرازق .

فانفصل بعض الأشعرية بأن إطلاق ذلك إنما هو بطريق المجاز ، وليس المراد بعدم التسمية عدمها بطريق الحقيقة . ولم يرتضه بعضهم ، بل قال - وهو المنقول عن الأشعري نفسه - : إن الأسامي جارية مجرى الأعلام ، والعلم ليس بحقيقة ولا مجاز في اللغة ، وأما في الشرع : فلفظ الخالق والرازق صادق عليه تعالى بالحقيقة الشرعية ، والبحث إنما هو فيها ، لا في الحقيقة اللغوية . فألزموه : بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل فأجاب بأن الإطلاق هنا شرعي [ ص: 69 ] لا لغوي . انتهى كلام الحافظ وقال : تصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة القول الأول . والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة حوادث لا أول لها . ونفت المعتزلة جميع الصفات وقالوا : إما أن تكون حادثة . فيلزم قيام الحوادث بذاته تعالى ، وإما أن تكون قديمة فيلزم تعدد القدماء . وهو كفر .

وأجيب عن ذلك بأنا لا نسلم تغاير الذات مع الصفات ولا الصفات بعضها مع البعض ، ليثبت التعدد . فإن الغيرين هما اللذان يمكن انفكاك أحدهما عن الآخر بمكان أو زمان ، أو بوجود وعدم ، أوهما ذاتان ليست إحداهما الأخرى وتفسيرهما بالشيئين ، أو الموجودين ، أو الاثنين فاسد ، لأن " الغير " من الأسماء الإضافية ، ولا إشعار في هذا التفسير بذلك . قاله في شرح المقاصد .

التالي السابق


الخدمات العلمية