الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              مسألة : ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ

              ولنذكر الآن مسائل تتشعب عن النظر في ركني المنسوخ والناسخ ، وهي مسألتان في المنسوخ وأربع مسائل في المنسوخ به .

              مسألة : ما من حكم شرعي إلا وهو قابل للنسخ

              ، خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا من الأفعال ما لها صفات نفسية تقتضي حسنها وقبحها فلا يمكن نسخها . مثل معرفة الله تعالى والعدل وشكر المنعم فلا يجوز نسخ وجوبه ، ومثل الكفر والظلم والكذب فلا يجوز نسخ تحريمه . وبنوا هذا على تحسين العقل وتقبيحه وعلى وجوب الأصلح على الله تعالى ، وحجروا بسببه على الله تعالى في الأمر والنهي . وربما بنوا هذا على صحة إسلام الصبي وأن وجوبه بالعقل وأن استثناء الصبي غير ممكن . وهذه أصول أبطلناها وبينا أنه لا يجب أصل التكليف على الله تعالى كان فيه صلاح العباد أو لم يكن ، نعم بعد أن كلفهم لا يمكن أن ينسخ جميع التكاليف إذ لا يعرف النسخ إلا الله عز وجل ويجب على المكلف معرفة النسخ والناسخ والدليل المنصوب عليه ، فيبقى هذا التكليف بالضرورة . ونسلم أيضا أنه لا يجوز أن يكلفهم أن لا يعرفوه وأن يحرم عليهم معرفته ، لأن قوله : أكلفك أن لا تعرفني ، [ ص: 99 ] يتضمن المعرفة ، أي : عرفني لأني كلفتك أن لا تعرفني ، وذلك محال فيمتنع التكليف فيه عند من يمنع تكليف المحال . وكذلك لا يجوز أن يكلفه معرفة شيء من الحوادث على خلاف ما هو به لأنه محال لا يصح فعله ولا تركه .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية