الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
المثال الثالث والعشرون : رد السنة الثابتة المحكمة في النهي عن بيع الرطب بالتمر بالمتشابه من قوله : { وأحل الله البيع } وبالمتشابه من قياس في غاية الفساد ، وهو قولهم : الرطب والتمر إما أن يكونا جنسين وإما أن يكون جنسا واحدا ، وعلى التقديرين فلا يمنع بيع أحدهما بالآخر ، وأنت إذا نظرت إلى هذا القياس رأيته مصادما للسنة أعظم مصادمة ، ومع أنه فاسد في نفسه ، بل هما جنس واحد أحدهما أزيد من الآخر قطعا بلينته فهو أزيد أجزاء من الآخر بزيادة لا يمكن فصلها وتمييزها ، ولا يمكن أن يجعل في مقابلة تلك الأجزاء من الرطب ما يتساويان به عند الكمال ; إذ هو ظن وحسبان ، فكان [ ص: 239 ] المنع من بيع أحدهما بالآخر محض القياس لو لم تأت به سنة ، وحتى لو لم يكن ربا ولا القياس يقتضيه لكان أصلا قائما بنفسه يجب التسليم والانقياد له كما يجب التسليم لسائر نصوصه المحكمة ، ومن العجب رد هذه السنة بدعوى أنها مخالفة للقياس والأصول وتحريم بيع الكسب بالسمسم ودعوى أن ذلك موافق للأصول ، فكل أحد يعلم أن جريان الربا بين التمر والرطب أقرب إلى الربا نصا وقياسا ومعقولا من جريانه بين الكسب والسمسم .

التالي السابق


الخدمات العلمية