الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
[ الاكتفاء بالنضح في بول الغلام ] : المثال الثاني والخمسون : رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الاكتفاء في بول الغلام الذي لم يطعم بالنضح دون الغسل ، كما في الصحيحين عن أم قيس : { أنها أتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام ، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجره ، فبال عليه ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه ولم يغسله } . [ ص: 268 ] وفي الصحيحين أيضا عن عائشة { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم ، فأتي بصبي فبال عليه ، فدعا بماء فأتبعه ولم يغسله } وفي سنن أبي داود عن أمامة بنت الحارث قالت : { كان الحسين بن علي عليهما السلام في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، فبال عليه ، فقالت البس ثوبا وأعطني إزارك حتى أغسله ، فقال : إنما يغسل من بول الأنثى ، وينضح من بول الذكر } وفي المسند وغيره عن علي عليه السلام قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بول الغلام الرضيع ينضح ، وبول الجارية يغسل } قال قتادة : هذا ما لم يطعما ، فإذا طعما غسلا جميعا .

قال الحاكم أبو عبد الله : هذا حديث صحيح الإسناد ، فإن أبا الأسود الدؤلي صح سماعه عن علي عليه السلام ، وقال الترمذي : حديث حسن ، وفي سنن أبي داود من حديث أبي السمح خادم النبي صلى الله عليه وسلم قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يغسل من بول الجارية ، ويرش من بول الغلام } . وفي المسند من حديث أم كرز الخزاعية قالت : { أتي النبي صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه فأمر به فنضح ، وأتي بجارية فبالت عليه ، فأمر به فغسل } ، وعند ابن ماجه عن أم كرز الخزاعية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { بول الغلام ينضح ، وبول الجارية يغسل } وصح الإفتاء بذلك عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في الجنة وأم سلمة ، ولم يأت عن صحابي خلافهما ، فردت هذه السنن بقياس متشابه على بول الشيخ ، وبعموم لم يرد به هذا الخاص وهو قوله : " { إنما يغسل الثوب من أربع من البول والغائط والمني والدم والقيء } والحديث لا يثبت ; فإنه من رواية علي بن زيد بن جدعان عن ثابت بن حماد .

قال ابن عدي : لا أعلم رواه عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد ، وأحاديثه مناكير ومعلولات ، ولو صح وجب العمل بالحديثين ، ولا يضرب أحدهما بالآخر ، ويكون البول فيه مخصوصا ببول الصبي ، كما خص منه بول ما يؤكل لحمه بأحاديث دون هذه في الصحة والشهرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية